كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

نحو ينذِرُ بثورةٍ عارمة ضدها، عوّلت على إيفاد لجنة من علية رجالها
للوقوف على المطالب المصرية، حتى إذا وقفوا على تلك المطالب عن
كثبٍ، عالجوا الحالةَ بالعلاج الناجع، وكان على راس هذه اللجنة اللورد
ملنر.
وقد قاطعَ المصريون تلك اللجنة مقاطعةً تامة، ومن خوطب منهم في
شيء يتعلّقُ بمهمتها كان يقول: الكلامُ مع سعد زغلول، والمفاوضة مع
هيئة الوفد. .
وكان للشيخ رأيٌ خاصّ، وهو كما يقول الفرنسيون: لا ونعم. . أي:
إنّه يقاطعها ولا يقاطعها.
أما مقاطعتها فمعناها أنّه لا يسعى إلى مقابلة أحدٍ من رجالها، وأنّه
لا يقاطعها إذا اتصلوا به وسعوا إليه، وأنّه حينعذٍ لا ينبغي له ان يَجْبُنَ عن
إجابتهم إذا سألوه عن مطالب أمته، وما يدعو إلى طمأنينتها وعودة الأمور
إلى مجاريها في نصابها الطبيعي اللائق.
وطبقأ لهذا الموقف زار اللورد ملنر الشيخ بمنزله بالزيتون، فقد ذهبَ
إلى سراي فضيلته وبرفقته اخر في الساعة السادسة بعد ظهر يوم السبت
(0 2 ديسمبر 919 ام)، ولم ينصرفا إلا عند منتصف الساعة التاسعة مساءً
تقريبأ، فكانت مدةُ هذه المقابلة اطولَ مدةٍ قضاها اللورد في مقابلة أحد
كبار المصريين.
بدا اللورد حديثه بالثناء على الشيخ لصراحته في الراي، وانّه لهذا
يأمل أن يقف منه بخصوص موقف المصريين الذين ارتقوا كثيراً، وبلغوا
شأوأ ابعد مدى ممّا كانوا عليه سابقأ، إذ تقدّمت الصناعةُ، وراجت
التجار 6، وازدادت الثروة.
وشكر الشيخ اللورد على حُسْن ظنّه به، وذكر أته يعتفد أيضأ في
62

الصفحة 62