كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي
هذا البيان كان له من حسن الوقع في النفوس وقوة التأثير في القلوب
ما حمل جماعة كبيرة من قراء المجلة، أن يحملوا إلينا بالبريد والبرق
رسائلَ الشكر والتهنعة والتقدير والإعجاب بهذا البيان الناصع
الشافي المعبّر عمّا يشعر به كلُّ مسلم من الحسرة والألم لما حلَّ
بجماعات المسلمين من فرقةٍ وشتاتٍ وعداواتٍ، ومنازعاتٍ وتفكُّكٍ
وانحلالٍ ".
وهذه الكلماتُ من رئيس التحرير ليست للمجاملةِ، ولكنّها تعبيرٌ
صادقٌ عن أثر ما وجهه الشيخ إلى عاهلي جزيرة العرب في نفوس المسلمين.
إنّها رسالة اخوة، تؤكِّدُ أنَّ مَنْ لم يهتمَّ بأمر المسلمين فليس منهم،
وأنَّ هذا الاهتمامَ ليس مقصوراً على شعمب دون آخر، لأن الولايةَ بين
المؤمنين والمؤمنات تفرِضُ على كل مسلمٍ ان يكون لأخيه كاليدين تغسِلُ
إحداهما الأخرى، ولهذا كان الشيخ بتلك المشاركاتِ السياسية يصدُرُ عن
عاطفةٍ دينيةٍ، ومسؤوليةٍ إسلامية، والأمة تظلُّ بخيرٍ ما دامت هذه
المسؤولية وتلك العاطفةُ حيّةً ناميةً في المشاعر والضمائر والأقوال
والأفعال، وبغير ذلك تفقدُ الأمةُ أهمَّ عوامل وحدتها وقوتها وخيريتها
وشهادتها على غيرها من الأمم. .
رابعا: التواضع والكرم وحب الدّعابة:
إنّ مكانة الشيخ وما حظي به من منزلةٍ بين الشعوب الإسلامية، وكثرة
ما كان يوخه إليه من اسئلةٍ، وما ألف من كتبٍ، وألقى من محاضراتٍ،
لم يكن ذريعة للاستعلاء أو التيه على غيره من الأقران والعلماء، وذلك
لإيمانه بأنَّ ما تمتّع به من طاقاتٍ علمية نعمة جزيلة اسبغها اللّه عليه، من
حق هذه النعمة شكرُها، وإذاعتها بين الناس، لتظلَّ نوراً يبدِّدُ ظلمات
الجهل والتخلف، ويهدي الجميعَ سواء السبيل.
إنَّ البخل بالعلم لؤلم وظلم، وكتمانه شرّ وإثمٌ، ولو استنَّ الناس
69