كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

مَنع الاتّجار بالرقيق، وحرَّرَ الموجودين منهم بمصر، وقد امتدَّ حكمه
نحو تسع سنوات (1854 - 1863 م).
امّا إسماعيل -الذي حكم بعد سعيد- فقد ترشم خُطا جد 5 محمد
علي، فأعاد فتج المدارس المغلقة، وأنشأ غيرها، كما انشأ حكومةً
دستوريةً، ولكنّه كان مسرفأ في الإنفاق، وبخاصة في حفل افتتاح
القناة، مما أدى إلى اضطراب ميزانية الدولة، وتضاعفِ الديون، وقد
رضي طوعأ لهذا بالمراقبةِ الأجنبية للشؤون المالية في مصر، ونكِبَتِ
البلادُ بإنشاء المحاكم المختلطة، ثم طلبت إنكلترا وفرنسا من الاَستانة
عزله فعُزِل سنة (1879 م).
وتولّى - بعد عزل إسماعيل - اكبرُ أبنائه محمد توفيق حكم مصر، ومع
ما قام به من إصلاحات في القضاء والحياة النيابية، وقفَ من دعاة
الإصلاح موقفأ مناوئأ؟ ممّا أدى إلى تذمُّر القوى الوطنية، وقاد أحمد
عرابي حركة في الجيش لمطالبة الخديوي توفيق بالإصلاح، وإنهاء
التدخل الأجنبي في شؤون البلاد، وانتهزت بريطانيا الفرصة، فجيّشت
قواتها لمناصرة الخديوي، واحتلال مصر، ولم تنجح ثورةُ عرابي في
التصدّي للغزاة لا لضعفٍ في الجيش المصري، ولكن للخيانةِ.
وتوقّفت بالاحتلال (1882 م) كلُّ المشروعات العمرانية، كما تقلّصت
المشروعات التعليمية، وخَضَعت لسياسة المحتلّ، الذي أراد للتعليم أ ن
يكون ذريعةً للتغريب، لا للتطوير والتجديد والنهضة.
وتوفي توفيق سنة (309 اهـ= 1892 م)، فخلفه ابنهُ عباس المعروف
بعباس حلمي الثاني، وقد حاول أن يستقطبَ الطاقات الوطنية ليحدَّ من
سلطان الاحتلال، ولكنّه لم ينجح في محاولاته، فقد كان ينقصُه الكتمان
والحزم، ولمّا سافر إلى الاَستانة سنة (914 ام)، ونشبت الحرب
العالمية الأولى (1914 - 918 ام)، وتأخرت عودته، اتخذت بريطانيا

الصفحة 7