كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

المبحث الثالث
ثقافته ومنزلته بين علماء عصره
تطلق الثقافة على كل ما فيه استنارةٌ للذهن، وتهذيبٌ للذوق، وتنميةٌ
لملكة النقد والحكم لدى الفرد او في المجتمع، وتشتمل على المعارف
والمعتقدات والفنّ والأخلاق، وجميع القدرات التي يسهم بها الفرد في
مجتمعه.
ولها طرقٌ ونماذجُ عملية وفكرية وروحية، ولكلِّ جيل ثقافته التي
استمدّها من الماضي، وأضاف إليها ما أضاف في الحاضر، وهي عنوانُ
المجتمعات البشرية.
ويفرَّق بينها وبين الحضارة على أساس أنَّ الأولى ذات طابع فردي،
وتنصبُّ بخاصة على الجوانب الروحية، في حين انَّ الحضارة ذات طابع
اجتماعي ومادي (1).
وطوعأ لهذا المفهوم الشامل للثقافة فإنَ الشيخ المطيعي اتّسمت ثقافته
بالجمع بين الماضي والحاضر، على هدً ى وبصيرة، كما اتّسمت بالعمق
والتنوع والمتابعة لكلّ جديد من الأفكار والاراء والمشكلات، مع
الإسهام في دراستها ونقدها.
وقد غلبت عليه في أيام شبابه الثقافةُ الفقهية التقليدية، التي تعؤَل كثيراً
على النصوص التراثية، مع جهد علمي محدود في الترجيح بين الاَراء،
(1)
المعجم الفلسفي، ص 58، إصدار مجمع اللغة العربية بالقاهره.
73

الصفحة 73