كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي
ولم تكن عبقريته مقصورةً على نبوغه في علمي الفقه والأصول، وإنّما
كان في كل ما كتبه العالمَ المتبحرَ المتمكنَ من مادته، ويتجلّى ذلك في
كتبه: "تنبيه العقول الإنسانية لما في اَيات القران من العلوم الكونية
والعمرانية "، و" حفيقة الإسلام وأصول الحكم "، و" توفيق الرحمن للتوفيق
بين ما قاله علماء الهيئة، وبين ما جاء في الأحاديث الصحيحة واَيات
القراَن".
إن التنوع الثقافي للشيخ المطيعي، عبّر عن ثقافؤ امتدَّت فروعُها،
وتشابكت اغصانُها، وتعدّدت ثمراتها.
فالكتابُ الأول " تنبيه العقول الإنسانية لما في اَيات القراَن من العلوم
الكونية والعمرانية " وإن كانت الغايةُ منه تفنيدَ مزاعم المستشرق الفرنسي
"رينان" حول القرآن والاسلام، فإنّ الشيخَ افرد ثلاثةَ ارباعِ هذا الكتاب
لأبحاب عن القرآن الكريم، من حيث ما وردَ فيه عن بَدْءَ تكوين الانسان
والعالَم كفه، وخلق الدواب والأرض والسمواتِ وما بينهما، والدليلُ
على دوران الأرضِ من القران، ودلالة القران على تعدّد الشموس
والأقمار، ثم علوم الفلسفة، وحصرها في اربعة أنواع: رياضية،
ومنطقية، وطبيعية، صمالهية، ثم تحدّث عن اقسام كلِّ نوع.
وانتقل من الكلام عن الفلسفة إلى الحديث عن دِلالةِ القرآن على مادِّة
الفحم الحجري، وسائر ما يتبعه من المواد الملتهبة، وخلص من هذا كله
إلى تفنيد مزاعم "رينان" التي تَعْزُو تخفُفَ المسلمين إلى تمسُّكهم
بدينهم، وهذا رايُ من لا درايةَ لديه بتاريخ الأمة الاسلامية وفقه دستورها
الخالد، فما صدر عن "رينان" يعبِّرُ عن جهل وتعصُّب، لا عن فهم
ومعرفة صحيحة، ومن جهل شيئأ عاداه، ولهذا لا يصحُّ أن يطلق على
"رينان" وامثاله من الملحدين والمتعصبين كلمة فيلسوف؟ لأنّهم يدّعون
الفلسفة والعلم، وهم بعيدون عن ذلك كله.
77