كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي
والشيخ في أبواب هذا الكتاب كلِّه مفسّر ومحدِّب، ومتكلِّم، وفقيه،
واصوليّ، ودارس لعلم النفس، وبخاصة علم نفس الطفولة، كما انّه مُلِم
بفروع علم الطب، وعلى معرفة بالفَلِك، والجيولوجية، والفلسفة،
والمنطق، والتاريخ، والأدب، فقد كان يستشهِدُ احيانأ ببعض الأبيات
الشعرية كقوله في مستهلّ الباب الذي عقده للردّ على "رينان ":
والبدرُ مُسْتَصْغَرٌ في عَيْنِ نإظِؤِ والذَّنْبُ للعَيْنِ لاللبَدْرِ في الصّغِرِ
امّا كتاب "حقيقة الإسلام وأصول الحكم " فهو ردّ على كتاب:
"الإسلام واصول الحكم " المنسوب للشيخ علي عبد الرازق (1)، فقد
تجاوز هذا الشيخُ في كتابه بحوث الفقه الخالص إلى بحوث التاريخ
والسياسة والاجتماع، وقد تتبّع الشيخ المطيعي هذه البحوث بالنقد
والتحليل والمراجعة، في استفاضة كشفت عن ثقافؤ متنوعةِ الفنون، ولم
يكن تضلّعه الركينُ في علمي الفقه والأصول واضحأ ملموسأ مع ما اضطرد
به الحديثُ إلى مسائل في علم الاجتماع وعلوم السياسة وتقويم البلدان،
مما جعل هذا الردَّ فريدأ في مصنفات الفقيه الأصولي الكبير.
ومن أنفس فصول هذا الكتاب ما دحض به الرايَ القائلَ بأنَّ شريعةَ
الإسلام مقصورة على الامور الدينية، وهي دعوى باطلة، يردّدها
العلمانيون الاَن جهلأ دون علم، فإنّهم ما قرؤوا القران، وما عرفوا ما به
(1)
ولد الأستاذ علي عبد الرازق سنة (305 أهـ- 1888 م) ودرس في
الارهر، وحصل منه على شهادة العالمية، ولي القضاء بالمحاكم
الشرعية، وانتُخِب عضواً بمجلس النواب والشيوخ، كما عُيّن وزيراً
للأوقاف، وهذا الكتاب أثار عليه ضجة، وحُكِمَ عليه بسببه بتجريد 5 من
شهادة العالمية، توفي سنة (386 اهـ= 967 أم). انظر: الأعلام،
للزركلي.
78