كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

اللّه عنها مدفونةٌ بالقاهرة في ضريحها الموجود ضمن مسجد السيدة زينب؟
وما الدليلُ التاريخي على ذلك بالتفصيل؟ ولفضيلتكم وافرُ الشكر. .
وبعد أن ذكرَ الاراء التاريخية في الموضوع عقّب عليها بقوله: "فأنتَ
ترى أنَّ المسألةَ قد أصبحت بين رأيين:
الأول: رأيُ علماء التاريخ، وفي مقدّمتهم الإمامُ الطبري، والإمامُ
ابن الأثير، والعلامة الثقةُ ابنُ جُبير، والسخاوي، ورايُهم أنَّ السيدة
زينب اخت الحسين وبنت علي كرم اللّه وجهه لم تحضر إلى مصرَ قط،
لا في الحياة ولا بعدَ المماتِ، وعليه فلا مدفن لها في مصر، ولا جامعَ
ولا مشهدَ.
والرأي الثاني: هو رأي الصوفية، وعلى راسهم الخوّاص والشعراني،
ويتلخّص رأيهم في أنَّ المدفون بالمسجد الزينبي صاحبة المشهد والمزار
المعروف بمصر وفي قناطر السباع إنما هي السيدة زينب بنت علي،
واخت الحسين رضي اللّه عنهم.
والذي يطمئنُّ إليه القلبُ ويشهدُ له التاريخُ، وينبغي أن يعوَّل عليه،
هو ان المدفونة بمصر، والتي لها مشهدٌ يزارُ، وعاينه العلامة ابن جبير
من الشريفات العلويات إنّما هي السيدة زينبُ بنت يحى بن زيد بن علي
زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
ثم يقول: فقد تبيّن أنَّ المسألةَ مسالةٌ تاريخيةٌ، فيعوَّل فيها على ما قاله
المؤرّخون المعتمدون كالطبري وابن الأثير وابن جبير ومن وافقهم.
وأمّا ما قاله الصوفية فهو مبني على الكشف ومشاهدة الأرواح،
والأرواحُ لا تتقيّدُ بمكان دون مكان، بل هي في عالم البرزخ، يراها أهل
الكشف في أي مكان كُشِفَ لهم عنها فيه، فيترك لأهل الكشف ما قالوه،
وأمّا ماقاله المؤرخون فهو متعلِّق بالأجسام والجثث، وهي تتقيّدُ
82

الصفحة 82