كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

بالمكان، وعليه، فجثمان السيدة زينب بنت علي وأخت الحسين وجثتها
لا كلامَ ولا شك في آَنها لم تكن بمصرَ لا في الحياة، ولا بعدَ الممات (1).
فالشيخ بعقلية المؤرخ المدقق يعوِّلُ على المصادر الموثوق بها، والتي
تجزمُ بأنَّ السيدة زينب بنت الإمام علي لم تحضرْ قطُ إلى مصر، ويرفض!
الروايات والأخبار التي لا تقوم على أدلةٍ علمية بقدر ما تؤسَّس! على خواطر
نفسية، وتجليات روحية، وهذه لا تعدُّ مصدراً تاريخيّاً يعتدُّ به، وهذا
يشهد للشيخ بأن ثقافته التاريخية أصيلة وعميقة تكادُ تضارع ثقافته الفقهية
والأصولية.
وقد اثار رأيُ الشيخ في موضوع دفن السيدة زينب بمصر عدداً من
الباحثين والكتّاب (2)، منهم من عارضه، ومنهم من أيده، ومن هؤلاء
العلامة احمد زكي باشا، والشيخ لم يرد على الذين عارضوه، كما انّه لم
يشكر الذين أيدوه.
2 - ثقافته الأدبية:
كان للشيخ المطيعي ثقافة أدبية تشهد له بالاطلاع على التراث الأدبي
شعره ونثره، وقد عبَّرت محاضراته العامة التي القاها في الجمعيات
الإسلامية وفي الجامعة عن هذه العقافة، فلم تكن تلك المحاضراتُ تعوِّل
على كثرة النصوص، وإنَّما كانت تراعي مواقف التأثير ونواحي الإمتاع،
وما كان يهتمُّ بالمحسنات البديعية أو الألفاظ الغريبة، أو الحوشية، وإنَّما
ينطلق في حديثه على سجيته، دون تكلُّفٍ، فتأتي العباراتُ والمفرداتُ
صحيحةً فصيحةً في مستوًى راقٍ من البلاغة والفصاحة وحسن البيان (3).
(1)
(2)
(3)
مجلة الإسلام، السنة الاولى، عدد (5 سْعبان سنة 351 أهـ).
انظر: مجلة الإسلام، عدد (19 شعبان سنة 351 أهـ).
انظر محاضرة: الراديو من الوجهتين الدينية والفنيّة، منشورة في مجلة=
83

الصفحة 83