كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

حنيفة، بل لصاحب المذهب الذي ينتسب إليه الجويني، وهو الإمام
الشافعي، وخاصةً ما جاء بالكتاب من أنَّ أبا حنيفة قليلُ البضاعةِ في علم
الحديث، ولكنَّ الرجل الكبير والإمام الحجّة البصير القى درسأكبيراً في
صفحاب متتالية في وجوب احترام الأئمة جميعأ، وقال في خاتمة حديثه:
"إذا تقرّرَ هذا، فمذهبُ أبي حنيفة ومذهبُ غيره من الأئمة سوا 2،
ولا يمكن لأحدٍ من المجثهدين أن يعتفدَ أنَّ مذهبَ غيره خطأ لا يحتمِلُ
الصواب، وأنَّ مذهبه صوابٌ لا يحتمِلُ الخطأ، وإلاّ لكان مذهبُ هذا
المجتهد بمنزلةِ كلامِ المعصوم الذي لا يخطى، وليس هذا في وسعبشرٍ
سوى الرسل عليهم السلام، فلا وَجْهَ إذ! لتخصيص مذهبٍ وتفضيلهِ على
مذهبٍ ا! و.
وعلى هذا إمّا أن يكونَ ما ذكر في الكتاب "مغيث الخلق " مدسوسأ على
الإمام الجويني، والرجلُ بري! منه، وهو اكبرُ الظن عندنا، وإمّا أ ن
يكون صحيحأ، وهو يناقض آراءَه ونقوله التي ذكرها في "البرهان"
وغير 5، ولو أردنا تقصِّي كلِّ ما جاءَ في سؤال السائل مما ذكر في الكتاب
لوجدنا له ردّاً، وأقمنا له من الحقِّ ضدّاً، ولكننا نكونُ بذلك قد خضنا
متعصّبين لمذهبنا، مفضلين إمامنا، فنقعُ فيما وقع فيه إمامُ الحرمين.
وما أريدُ بهذه العجالةِ إلاّ أن ألفتَ نظرَ السائلِ الباحثِ وجميع
المسلمين إلى وجوبِ الاعتقاد بأنَّ الأئمةَ الأربعة كالحلقة المفرغةِ لا يُدرَى
أينْ طرفاها، وأنّهم من الكمالِ وعنايةِ اللّه بهم بحيثُ لا يُقاس عليهم
0 (1)
عيرهم ".
فهذا الموقفُ من الشيخ يدلُّ على نصفةٍ تامةٍ، ويُصوِّر خُلُقأنبيلاً يجب
احتذاؤه، إنّه موقفُ الاحترام والتقدير لكلِّ المذاهب، وأنها جميعها على
(1) انظر: النهضة الإسلامية في سير أعلامها: 3/ 338.
87

الصفحة 87