كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

فيقول: "وبعد ان دخل أهلُ العراق ومن جاورهم من الفرس في دين
الإسلام، قد وجد منهم مجموعة عظيمة في العلوم الفلسفية عقلية كانت أ و
شرعية، كونية أو عمرانية، وكانوا جميعأ-وعلى الأخص الفرس منهم-
اشدَّ الناس تمسكأ بدين الإسلام، وكان منهم المجتهدون في فقه الحنفية
وفقه الشافعية وفقه الإمامية.
وها هي مؤلّفاتهم في كلِّ العلوم، وهي متداولة قديمأ وحديثة تشهد
بكذب "رينان "! وأين هو (اي رينان) من مؤلفات "الفارابي " و"ابن سينا"
وتلميذه "بهمنيار" "وابن سبعين " (1) "والصدر الشيرازي " وغير هؤلاء ممن
لا يحصون كثرة، مع أن مؤلفاتهم تملأُ خزائن الشرق والغرب، ولكنّ
فلسفة "رينان" قضت عليه أنْ لا يُكلِّفَ نفسه النظر فيما بين يديه ومن
خلفه، وعن يمينه وشماله من تلك المؤلفات، وتعامى عنها حتى نسب
إلى الفرس ما نسب، ومع ذلك فقد نسي - بما قدّمت يداه - أنّ الإسلام يرفع
الفوارق الجنسية والقومية، فأهل فارسٍ بعد أن اعتنقوا دين الإسلام
أصبحوا هم والعرب أمةً واحدةً إسلامية، لا تربطهم إلا رابطةُ الدين
الإسلامي، التي هي العروةُ الوثقى لا انفصام لها" (2).
وتفنيدُ الشيخ لراي "رينان" حول الشيعة، وعلاقة أهل فارس
بالإسلام، يشهدُ له بأنّه كان على اطلاع بالفقه الشيعي، ومعرفة باثار
علماء فارس في الفلسفة والطب واللغة، ولا يرى في هذا الفقه إلاّ
ما يراه في الفقه السني، فليس بين الفقهين تفاوتٌ في الأصول، وإنما
ينحصر الاختلاف في بعض الفروع، وهو اختلادت لا يقضي على
(1)
(2)
عبدالحق إبراهيم الإشبيلي المرسي
(ت 669 هـ).
انظر: تنبيه العقول، ص 197 - 199.
89
الرقوطي، من فلاسفة الأندلس

الصفحة 89