كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي
الكتب دون أن يمتدّ به النظر إلى غيرها" (1).
وألقى البحث المركز الذي كتبه الاستاذ البيومي عن فتاوى الشيخ (2)
مزيداً من التحليل والتعليل لهذا الموضوع، فقد قال في مستهله: "في كل
عصر مزدهر يوجد المجدِّدُ الذي يجتهد في الاخكام، كما يوجد المحافظ
الذي يزنُ الجديد بميزانٍ دقيق، فيجد من الأمورِ ما يكون موضعأ للمخالفة
والمجاذبة، وكِلا المجدد والمحافظ ضرورةٌ من ضرورات البحث العلمي،
ولكنّ نفراً من السطحيين يلمزون المحافظين لمزاً أليمأ، ويعدونهم عقبةً
في سبيل التطور، وليس كلُّ محافظٍ عقبةً، فلدينا المحافِظُ الذي يمسك
الميزان بكفّةٍ عادلة ليزنَ الأمرَ بالقسطاس المستقيم، وهذا لا يقلُّ مكانةً عن
المجدد، بل هو مجدّدٌ في اتجاهه الذي يقي من الانحراف. .
ويعزِّزُ الدكتور محمد رجب البيومي هذا التحليل لمفهوم التجديد بنصٍّ
للشيخ محمد أبو زهرة رحمه اللّه في ترجمته للإمام محمد زاهد الكوثري
رحمه اللّه؟ قال: "إنّ ذلك الإمام الجليل لم يكن من المنتحلين لمذهب
جديد، ولا من الدعاة لأمر بادئ لم يُسْبَقْ إليه، ولم يكن من الذين
يسمهم الناسُ بسمة التجديد، بل كان ينفِرُ منهم، فإنّه كان متبعأ، ولم
يكن مبتدعأ، ولكني مع ذلك أقول: إنّه كان من المجدّدين بالمعنى
الحقيقي للتجديد؟ لأنّ التجديدَ ليس ما تعارفه الناسُ اليوم من خلعٍ
للرِّبقة، وردٍّ لعهد النبوة الأولى، إنَّما التجديدُ هو أن يعادَ للدين رونقه،
ويزالَ عنه ما علق به من اوهام، ويُبيَّن للناس صافيأ كجوهر 5، نقيّهَ
كأصله، وإنّه لمن التجديدِ أن تحيا السنةُ، وتموتَ البدعةُ، ويقومَ بين
الناس عمودُ الدين ".
(1)
(2)
النهضة الإسلامية في سير أعلامها: 3/ 329.
انظر: مجلة منبر الإسلام، عدد (ربيع الأول سنة 424 أ هـ)، ص 94.