كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

ويخلص الأستاذ الفاضل من هذا إلى انّ ما نقله عن الشيخ محمد
أبو زهرة له اتصاله الوثيق بمنحى الأستاذ الكبير الشيخ محمد بخيت
المطيعي في الفتوى المعاصرة، والاتجاه الفقهي الملتزم، ولكنّ الذين
يكرهون الشيخ اتخذوا من مواقفه المحافظ ذريعةً للحكم عليه -باطلاً-
بأنّه ضد الإمام محمد عبده، وخصيمأ له، والرجل يعرف مقام الإمام،
وإذا عارضه في رأي فقهي فهي معارضةُ النظراء حين تنفرجُ مسافاتُ القولِ
انفراجأ يدعو إلى تعدّد الاَراء، ولكنّ هؤلاء الذين يحاولون أن يجعلوه
خصيمأ لحرية الفكر، بدليل ما بدا من معارضته لبعض آراء الإمام، إنّما
يتمسحون بالإمام لحاجةٍ في نفوسهم! فليست المعارضةُ لراي مسوغأ
للاتهام بالخصومة لحرية الفكر؟ لأنّ هذه المعارضة مظهرٌ من مظاهر هذه
الحرية، والشيخُ إذا كان قد اختلفَ مع الإمام في حياته في بعض الآراء
- وهو اختلافُ النظراء لا اختلافُ شهوةِ المنافسةِ، أو التحريضِ من اولي
السلطة، فما كان الشيخ يمالى حاكمأ او يتزالَفُ إليه - فقد ارتفعت لديه
منزلةُ الإمام بعد وفاته، وكتب عنه ما ينبى عن تقديره الجم، كما راسَ
الحفلة الكبرى التي اقيمت لتأبينه سنة (922 ام)، فوفّاه حقه الصحيح من
التقدير، وحين ألف كتابه "حقيقة الإسلام وأصول الحكم " وراى الأستاذ
علي عبد الرازق ينقل عن كتاب "رسالة التوحيد" كلامأ يفسِّره على غير
وجهه الذي عناه الأستاذ الإمام قال في قوة:
"وكلُّ ما نقله من "رسالة التوحيد" للمغفور له الأستاذ الشيخ محمد
عبده رحمه اللّه قد ساقه للتمويه والمغالطة، على غير الغرض الذي ساق له
المغفور له الأستاذ الجليل، وحوّله إلى غرضه؟ ليوهمَ الناسَ أنَّ له سلفأ
صالحأ فيما يقوله، ألا وهو الشيخ الجليل والأستاذ الكامل الحجة الشيخ
محمد عبده، وما لهؤلاء وللشيخ محمد عبده، وهم ماعاصروه
ولا خالطوه تمام المخالطة، ولا اجتمعوا معه في درس، ولا أخذوا عنه
96

الصفحة 96