كتاب محمد عمارة داعية الإحياء والتجديد الإسلامي

في هذا الإطار الذي حدده الدكتور عمارة ناقش عدة قضايا؟ أهمها:
وحدة في النوع الإنساني، وتعددية في تحديد مكانة الإنسان، فالحضارة
الإسلامية أعطت الإنسان مرتبةً وسطأ، فهو ليس الحقير الذي يتحقق وجوده
بالفناء في ذات المعبود، وهو ليس سيد الوجود، وإنَّما هو سيد في هذا
الوجود، عليه النهوض بأمانة الخلافة عن سيد الوجود، وبذلك فهاهنا تمايز
بين الحضارات في النظرة إلى الإنسان.
كذلك ناقش قضيةَ الاتفاق على مبدا التدين والاختلاف على مكانته في
الحياة، فهو يرى أنَّ الغرب وقفَ من التدين بالمسيحية عند الشكل، واهدر
المضمون، بل ومسخه ونسخه، وأحل محله الطابع المادي للحضارة
الغربية، وبذلك أهدر الغربُ المسيحية، وأفسد عقيدتها، بينما التدين في
الشرق يتمثّل في التدين بالإسلام الذي يمتاز بالعراقة والعمق والشمول.
ويؤكد الدكتور محمد عمارة على: "انّ التوحيد الديني. . . الصانع
للوحدة القومية العربية المنجزة رسالة الإسلام دينأ ودولة وحضارة على النحو
الذي غير وجه التاريخ " (1).
وبذلك تميزت الحضارة العربية الإسلامية في الفكر القومي، وفي
المسيرة القومية، عن الحضارة الغربية، وهذا ما يميّزُ الخصوصية الحضارية
الإسلامية.
وانطلاقأ من هذا الموقف الوسطي نجد الدكتور محمد عمارة يبحث في
عدة موضوعات تمثِّل منطلقات مهمة في هذا الموضوع؟ مثل: العقلانية
الإسلامية، والقومية بين المذهب والانتماء، خصوصأ الذين يحاولون
الخروج عن إطار القومية الإسلامية إلى القومية بالمفهوم الغربي العلماني،
كما تحدّثَ عن التفاعل الحضاري متخذأ نماذج لذلك: الحضارات الفارسية
(1) الغزو الفكري، ص 83.
103

الصفحة 103