كتاب محمد عمارة داعية الإحياء والتجديد الإسلامي

واليونانية والرومانية والهندية، فالمسلمون استفادوا من هذه الحضارات،
وأخذوا منها، وتفاعلوا معها، ولكنّهم في الوقت ذاته كانوا شديدي الحذر
بل شديدي المقاومة لكل ما هو خصوصية حضارية لهذه الحضارات التي
تتعارض مع معايير الإسلام وجوهر معتقداته وخصائصه الحضارية.
أما عن الحضارة الغربية والتفاعل معها، فيرى الدكتور محمد عمارة أنَّ
الغرب عندما كان في سبيل نهضته التي اخرجته من العصور الوسطى المطلمة
لإبداع العصور الحديثة، اقبل الغربُ بنهمٍ على امتلاك رصيد الحضارة
العربية في العلوم كافة، ولكنهم أنفسهم الذين تحفظوا تجاه ما يمثل
خصوصية حضارية عربية إسلامية، وهذا الرفض هو الذي ميز الحضارة
الغربية الحديثة بالطابع المادي.
والدكتور محمد عمارة هنا يتبنّى الرأي نفسه الذي قاله الأفغاني ومحمد
عبده عندما طالبا بالاستفادة من الحضارة الغربية الحديثة، وما وصلت إليه
من منجزات علمية في كافة المجالات، ولكن مع الحفاظ على الخصوصية
الحضارية المميزة للإسلام.
والدكتور محمد عمارة هنا يتفق تمامأ مع مشروعه الفكري القائم على
"الوسطية"، ويُعْمِل العقل والرأي لتوضيح أمور قد تكون بعيدة عن
الأذهان، في محاولة الإقناع بها.
ومن أهم ما يميز منهج الدكتور محمد عمارة في هذا الكتاب انه يستثير
عقل القارى للتفكير فيما يثيره من قضايا مهمة في هذا الكتاب.
1 1 - الشريعة الإسلامية والعلمانية الغربية (1):
جاءت الغزوة الاستعمارية الغربية في العصر الحديث، وكانت البداية هي
(1)
صدر هذا الكتاب عن دار الشروق بالقاهرة، عام 423 أهـ= 2003 م،
في 82 صفحة.
104

الصفحة 104