كتاب محمد عمارة داعية الإحياء والتجديد الإسلامي

الحملة الفرنسية عام (1798 م) وهي تحمل معها نموذجأ فكريّأ وحضاريّأ
عملت على تطبيقه في التربة الإسلامية، حتى تأخذَ منه وسيلةً لاحتلال
العقل، وبالتالي يكون احتلالُ الأرض والثروات مؤبدا، من هنا كان العداءُ
للإسلام؟ لأنه هو المحرك للشعوب للتحرر الوطني والجهاد ضدّ المحتل
المغتصب، ولأنه يدعو للعزة الوطنية والقومية، وهو السياج الذي يحول بين
العالم الإسلامي وذوبانه في حضارة الآخر.
من هنا جاء العداء بين العلمانية والإسلام، فالعلمانية تسعى بكل السبل
لعزل المسلم عن إسلامه، واتباع القوانين الوضعية بدلاً عن الشريعة
الإسلامية، فالعلمانية الغربية التي تعمل على عزل الإنسان المسلم عن تعاليم
الإسلام وقوإنينه، وإحلال العقل الإنساني محل الشرع الإلهي، هي فضلاً
عن ذلك دليل للتبعية للغرب 0
في هذا البحث ناقش الدكتور محمد عمارة عدة قضايا بالغة الأهمية،
مثل: الشريعة الإسلامية التي ظلت المرجعية الحاكمة في قضاء الأمة
وفقهها، وأيضأ في الاجتهادات منذ ظهور الإسلام وحتى الهجمة
الاستعمارية الغربية التي جاءت معها بالقوانين الوضعية، وهو ما دفع مدرسة
الإحياء الإسلامي في العصر الحديث للقول بوجوب: "الدعوة لاسترجاع
كامل حاكمية الشريعة الإسلامية، واحدة من مقاصد دعوات اليقظة والإحياء
والتجديد في تاريخنا الإسلامي الحديث والمعاصر" (1).
وهو ما دعا الدكتور محمد عمارة للتأكيد على أنّ الدعوة للاجتهاد
الإسلامي المعاصر، الذي ي!! ل على الاستنباط من الأصول والمبادئ
الشرعية، والأحكام التي تحكم الواقع الجديد ومستجداته، أصبحت أمراً
في غاية الأهمية للأمة الإسلامية التي تعمل على الاحتكام للشريعة مع مواكبة
(1) الشريعة الإسلامية والعلمانية، ص 15.
105

الصفحة 105