كتاب محمد عمارة داعية الإحياء والتجديد الإسلامي

وتركت الامة مصدراً للسلطة، فهي تشرع وتقنن كي تتحول مقاصد الشريعة
إلى نظم تستخدمها الامة لتحقق مصالحها.
ويؤكد الدكتور عمارة أنّ العالم الإسلامي مثّل مطمعأ للغرب، لذلك
على ابناء المسلمين اليقظة التامة لما يراد بهم، لأنه أمام التحديات العاتية
التي تواجه المسلمين فلا امن ولا أمان لهم إلا "بالجهاد" الذي هو إحدى
خصوصيات الأمة المسلمة.
والجهاد مصطلح واسع فضفاض، ويحدد الدكتور محمد عمارة هذا
المصطلح بأنه كما يراد به التعبير عن عمليات الصراع المسلج، يراد به في
أحيان كثيرة بذل الجهد واستفراغ الوسع في ميادين أخرى ومهام مختلفة،
ففي الأحاديث النبوية نقرأ: "الحج جهاد" ومصطلج الجهاد شامل الإبداع
الأدبي (1).
فالقتال لم يكن أبداً لإدخال الناس في الإسلام كرهأ، وإنما لتحرير
المستضعفين، ومواجهة الظلم والطغيان والعدوان ومجاوزة الحدود، وأكد
الدكتور محمد عمارة ذلك بمناقشة وعرض عشرات الأمثلة على ذلك، كما
عرض لنصوص كثيرة في هذا المجال لتاييد رؤيته.
وناقش قضية محورية وأساسية؟ وهي: هل كان محمدع! سياسيّأ
ومؤسسأ لدولة سياسية؟ أم أنه كان مؤسسأ لدولة دينية أوحي بها من اللّه؟
ناقش الدكتور عمارة هذين الرأين موضحأ أدلة كل فريق وبراهينه، وموضحأ
وسطية الإسلام في هذا المجال: وسطية العدل بين الظاهريين. . . والحق
بين الباطنيين، والاعتدال بين المتطرفين. . . الوسطية التي تجمع وتؤلف
بين ما يعد في المنظومات غير الإسلامية متناقضات يستحيل الجمع بينها،
(1) الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية، ص 90.
111

الصفحة 111