كتاب محمد عمارة داعية الإحياء والتجديد الإسلامي

في الوقت ذاته قدّم لنا الدكتور محمد عمارة في هذا الكتاب بيانأ عن مأزق
العلمانية في أصل منشئها في أوروبة، وبقلم كاتب غربي ينتمي لهذه
الحضارة.
يذكر الباحث أنَّ العلمانية مثّلت تراجُعَ السلطة المسيحية، وضياع
أهميتها الدينية، وتحويل المعتقدات المسيحية إلى مفاهيم دنيوية، وسيادة
مبدأ: (دين بلا سياسة وسياسة بلا دين) وكان من نتائج العلدانية فقدان
المسيحية لأهميتها فقدانة كاملاً، وزوال أهمية الدين كسلطة عامة لإضفاء
الشرعية على القانون والنظام والسياسة والتعليم.
في نقاشه وتعليقه على هذ 5 الاَراء، يؤكَد الدكتور محمد عمارة
صدقيتها، وأنّ العلمانية قد وصلت في الوقت الحاضر إلى مأزق خانق وأزمة
حقيقية للإنسان والحضارة، فالقناعات العقلية الأساسية قد غدت مفتقرة إلى
اليقين، والحداثة العلمانية غير واثقة من نفسها.
وطرح الدكتور محمد عمارة تساؤلاً في غاية الأهمية، وهو لماذ! نجحت
العلمانية مع المسيحية في أوروبة، وفشلت مع الإسلام رغم أنها جاءت
مدعومةً لمدة قرنين من الزمان بالاستعمار الغربي؟ ولمعرفة ذلك لا بد من
البحث المقارن بين الدينين، وبين الموإريث الحضارية للحضارتين.
وينهي الدكتور محمد عمارة تعليقه على الكتاب بقوله: "إنّ مأزق
المسيحية الغربية يدعوها إلى التعلّم من تجربة الإسلام، لا إلى الصراع مع
الإسلام، كما يدعو المسلمين إلى التعلم من تجربة أوروبة مع العلمانية،
حتى لا نقعَ في المأزق الذي وقع فيه الأوروبيون، وهذا هو الميدان الحقيقي
لمؤتمرات الحوار" (1).
(1) مأزق المسيحية والعلمانية في اوروبة، ص 47.
115

الصفحة 115