كتاب محمد عمارة داعية الإحياء والتجديد الإسلامي

17 - تحليل الواقع بمنهاج العاهات المزمنة (1):
تواريخ الأمم ومسارات الحضارات عبارة عن دورات متتابعة تحكمُها
السننُ والقوانين، فيها الصعود والهبوط، والازدهار والانحطاط، وفي
مواجهة مراحل الهبوط والتخلف تفاوتتِ المواقفُ الفكرية.
فيرى الدكتور محمد عمارة أنَّ هناك فريقأ من الناس يستسلم لواقع
الهبوط، ويرى فيه قدراً إلهتأ او حتميةً تاريخيةً، وهذا الفريق %وز نطاق
الاستسلام لواقع المأزق إلى تكريسه وتأييده.
وهناك مَنْ يرى في الواقع الهابط ثمرةً للسنن والقوانين التي افضت إليه،
فيحاول هذا البعض الوعيَ بهذه السنن، وتوجيه هذه القوانين لتغيير هذا
الواقع.
حدد الدكتور محمد عمارة ثلاثة مواقف تكرر فيها هذا الواحُ الفكري في
مسيرة الحضارة الإسلامية خلال القرن العشرين:
آولها: بعد إلغاء أتاتورك للخلافة العثمانية (4 92 1 م).
ثانيها: بعد هزيمة (967 ام) مما أصاب المشروع القوميَّ في مقتل.
الثالثة: عقب حرب الخليج الثانية (1991 م).
وفي كل حالة من هذه الحالات يرصد الدكتور محمد عمارة موقفين في
غاية التباين:
أولهما: يتعامل مع الواقع المأزوم وكأنه واقعٌ مستمز، فيبرر له، ويعمل
على تكريس الهزيمة، والعمل على تطبيع العقل العربي والمسلم على
نتائجها، وتمهيد السبل للنموذج الغربي.
اما الثاني: فقد تعامل أصحابه مع الواقع المأزوم دون تسليم به، وعمل
(1)
صدر هذا الكتاب عن مكتبة نهضة مصر، 999 ام، في 63 صفحة.
118

الصفحة 118