كتاب محمد عمارة داعية الإحياء والتجديد الإسلامي

التحديد، وهذا الغموضُ لم ينشأ من الوهم والفراغ، لأنَّ بعض الذين
ينتسبون إلى السلفية جامدون رجعيون، ومنهم مَنْ هم في طليعة المنادين
بالتجديد الديني، ويرى الدكتور محمد عمارة أنَّ السلفية نشأتْ في العصر
العباسي كردِّ فعلى لنشأة المعتزلة أصحاب التيار العقلاني، وكان على رأس
التيار السلفي الإمام أحمد بن حنبل رحمه اللّه تعالى (164 - 1 24 هـ).
ناقش الدكتور محمد عمارة المراحل الثلاث التي مرت بها السلفية:
الأولى: في العصر العباسي، وكان على رأسها الإمام أحمد بن حنبل.
الوسطى: كان على رأسها ابن تيمية رحمه اللّه تعالى.
الحديثة: التي تمثلت في محمد بن عبد الوهاب في نجد، والسنوسية
في ليبيا، والمهدية في السودان، ثم دعوة الأفغاني ومحمد عبده في
مصر، ودعوة جمال الدين القاسمي في بلاد الشام.
والمؤكد أن الحركة السلفية قد تميزت باتساق المنهج، ووحدة الأصول
الاعتقادية والفكرية، واتفقوا في الإلهيات واختلفوا في الفقهيات.
ولكنّ سلفية العصر الحديث انقسموا إلى تيارين:
أحدهما: حافط على المنهج النصوصي للسلفية القديمة.
الثاني: رفع سلطان العقل وبراهينه على سلطان ظواهر النصوص،
وعمل هذا الفريق على استخدام الإسلام في مقاومة الزحف الحضاري
الغربي.
ناقش الدكتور محمد عمارة قضية النصّ لا الرأي، فقد عمل السلفيةُ منذ
الامام أحمد بن حنبل رحمه اللّه تعالى على اتباع النص، فهم: يرون في
وجود النصوص والمأثورات مانعأ من إعمال الرأي فيها، بصرف النظر عن
قطعية دلالتها وثبوتها، وجاء موقف السلفية من الرأي متّسقأ مع منهجهم
النصوصي، الذي ينحِّي العقل جانبأ طالما وجدت النصوص والمأثورات،
125

الصفحة 125