صلواتها وكتاباتها، كذلك مثَّلَ هذا القرنُ تحوُّلَ مصر من مجرد ولاية تابعة
للدولة العباسية إلى مقرٍّ للخلافة الفاطمية، وبُنيت القاهرة، وهذا يعني أنَّ
مصرَ بدأت تلعب دورها الطبيعي والتاريخي الذي تأهّلت له منذُ عصر
الفراعنة. . فهو يرى أنّ: هذه الفترة ظُلِمَتْ، ولم تأخذ حقها من الدراسة،
فقد تعرضت إمّا إلى النقد الظالم، أو التشويه، او الإهمال والاغلال،
وبذلك فقد ظُلِمَتْ مصرُ الحضارةُ والفكرُ والعمران والمجتمعُ، ومردّ ذلك
أنَّ الذين أرّخوا لهذه الفترة لم يكونوا يتعاطفون مع المذهب الفاطمي
الشيعي، ولا مع النظام السياسي الذي أقامته بمصر في ذلك الوقت.
بدأ الكتابَ بدراسؤ عن مغزى إقامة القاهرة فلسفةَ المكان، فهو ذلك
البحث الروحي الجميل عن معشوقته القاهرة التي تنطق السطورُ بحبِّها،
وبدورها التاريخي الذي يجبُ أن يعودَ إليها، وبقدمها الضارب في أعماق
التاريخ، فهي - حسب قوله - عاصمة مصر منذ أقدم العصور، فهو يقدِّمُ من
الادلة ما ينفي صفة بناء القاهرة عام (969 م)، فهو يقدّمُ لفرضية جديدةٍ
تمامأ؟ وهي أنَّ: " وحدة العواصم المصرية إنّما هي صنوٌ لتجددها وتطورها
وتعددها، بقدر ما نجدُ انَّ تعدُّدَ المراحل التاريخية والحقب الزمنية
والاطوار الحضارية التي مرّت بها هذه البلاد، إنّما هي صنوٌ لوحدة تاريخ
البلاد" (1).
فالدكتور عمارة يؤكّد بعد كثير من المقدمات أن القاهرةَ اليومَ إنّما هي
الامتداد الحضاري والتاريخي والمعماري الحي والمتطور وأيضأ المتحد لهذه
العاصمة الفرعونية القديمة التي بُنيت باسم "منف" سنة (0 340 ق. م)،وأنّ
تاريخ (969 م) إنّما هو تاريخ التسمية فقط بالقاهرة وليس النشأة.
قدّم الدكتور عمارة موضوعاتٍ رائعةً عن تلك الفترة، ونحسب أنها
(1)
عندما أصبحت مصر عربية، ص 11.