جديدة، أو أن المؤرخين لم يهتموا بها الاهتمام الكافي، من ذلك: الحياة
الفكرية في مصر الفاطمية، فهو يرفضُ المقولةَ بالتدهور والانهيار الفكري
في ذلك العصر، ويقدّم عشرات الادلة الداحضة لهذا الرأي، وهو ما يؤدّي
به إلى رفض هذه المقولات التقليدية وزيفها، فقدَّم أسماء عشرات العلماء،
ودار الحكمة، والمكتبات، وهو ما يؤيد مقولته منذ البداية حول اصالة
الحركة الفكرية العربية في مصر الفاطمية.
قدم كذلك الحياة الاجتماعية والترف في مصر، ولم ينسَ أنَّ يقدم لنا
الوجه الاخر من العملة عندما ساءت الأحوال؟ فقدم الثورات والانتفاضات
التي قام بها الناس في وجه المظالم، وقدّمَ أسبابَ الاضمحلال التي أضعفت
الدولة الفاطمية، فقد تحدّث عن الشدة المستنصرية، وما نشأ عنها من
سيطرة العسكر على مقاليد الأمور في البلاد، وتشتت الكلمة داخل البلاد،
والخطر الصليبي الواقف على الأبواب، كلُّ هذه الامور سهّلت القضاء على
الدولة الفاطمية لترثها الدولة الايوبية العسكرية.
وبيَّن كذلك العقبات التي قابلت صلاح الدين الأيوبي في جهوده لإعادة
المذهب السني للبلاد، ووضح الأسلحة الفكرية والأنشطة العسكرية التي
استخدمها صلاح الدين لتحقيق ذلك، وقضائه على الثورات التي قام بها بقايا
الشيعة وأتباع الفاطميين في البلاد؟ مثل: ثورة عُمارة اليمني.
كما أوضح جهودَ صلاح الدين لملء الفراغ الفكري الذي نتج عن القضاء
على خلافة عقائدية، لذلك فقد شجَّع حركة التصوف، والاهتمامَ غير
العادي بإقامة المدارس السنية السلفية، وذلك لكي تعيد صياغة ايديولوجية
المجتمع المصري، فقد أقاموا خمسَ عشرةَ مدرسة سنية، كل واحدة منها
بمثابة مؤسسة علمية كبيرة، لها من الإمكانات الفكرية والمادية ما يتيح لها
أن تؤدي دورأ هامّأ في الحياة الفكرية في البلاد.
يؤكد الدكتور عمارة في نهاية دراسته الشيقة على انَ مصر صمانْ كانت قد
150