كتاب محمد عمارة داعية الإحياء والتجديد الإسلامي

ودرس الدكتور محمد عمارة: مصر تحت القهر الديني والحضاري،
فذكر أنَّ مصر ظلّت تعاني محنةً عظمى لمدّة ألف عام منذ فتج الإسكندرية لها
عام (332 ق. م (حتى الفتج الإسلامي لها عام (640 م (، فقد جاءت
الحضارةُ الإغريقيةُ لتطغى على الحضارة المصرية الفرعونية، وقضت على
العاصمة منف، وعلى اللغة المصرية، كما أنَّ الدينَ ايضأ تعرّض للقهر
البيزنطي، الذي سالت فيه الدماء أنهاراَ، وأدى كل ذلك لفراغ حضاري
كبير، ساعد وسهّل دخول المسلمين مصر.
ولم تقف مصر الإسلامية عند حدود الانتماء للإسلام دينأ ودولة، وإنّما
تبوأت مكانتها الريادية حتى لكأنها هي صاحبةُ الدين الإسلامي، والأمينةُ
عليه، فكانت هي الحاميةُ والمدافعةُ عن الإسلام، وإتخذت من وسطية
الإسلام مذهبأ لها ونبراسأ، ولم يكن غريبأ أن يأتيَ ذكرُ مصر في القرآن
الكريم أكثر من (25 (مرة، منها ما هو بصريج اللفظ، ومنها ما دلت عليه
القرائن والتفاسير.
ثم تحدّث عن خطوات فتح مصر إلى أنّ تم الاستيلاء عليها، ثم تحصّن
الرومانُ في الإسكندرية، وهزيمتهم، ودخول الإسلام إلى مصر، وسيطرة
المسلمين على كافة أرجاء البلاد، وهي احداثٌ تاريخية بحتة، ليؤكد على
مقولة هامة جدّاً، هي: أنّ مصر كانت وظلت في النظام الغربي بوابة استعمار
الغرب للشرق، وضمانة بقاء هذا الاستعمار، ولذات السبب كانت أهميتُها
في الفتوحات التحريرية التي غير بها الإسلام وجه الحضارة ومقاصدها، فغير
بذلك مجرى التاريخ (1).
ثم يتحدّث الدكتور محمد عمارة عن الإحياء الإسلامي لمصر، وأنّه كان
إحياءً لمطلق الدين الإلهي الواحد، الذي تعددت فيه الملل والشرائع
(1)
عندما دخلت مصر في دين اللّه، ص 48.
152

الصفحة 152