المبحث الثاني
العوامل التي أثرت في تكوينه الفكري
المفكِّر ابنُ عصره، يتأثّر به وبأحداثه، ويتعامَلُ معها وبها، وتنعكِسُ
هذ 5 الاحداث على أفكاره وآرائه، وعلى مجمل مشروعه الفكري، ومفكرنا
الدكتور محمد عمارة ابن عصره، هذا العصرُ الذي يمرُّ فيه العالم الإسلامي
بأقسى أنواع الأزمات التي لم يسبق له المرور بمثلها على طول تاريخه، وهي
أزمات تهدِّد وجوده ومقوماته، ونؤكد أنها كانت عاملاً فاعلاً في فكر الدكتور
محمد عمارة، فقد استفزت ملكاته، واستنفرت مشاعره في محاولة لإيجاد
آراء وأفكار للخروج من الأزمة، فنعرِضُ لصورة العصر باختصار حتى نرى
أثر هذ 5 العوامل على مفكرنا.
اولاً: العوامل السياسية:
1 - الأوضاع العامة:
منذُ بدايات القرن السادس عشر الميلادي - الحادي عشر الهجري،
سيطرت الدولة العثمانية - اَخرُ خلافةٍ إسلاميةٍ شهدها العالم - على العالم
الإسلامي، ولكنِ ابتداءً من القرن الثامن عشر بدأ الضعفُ العثماني، في
الوقت الذي ازدادت فيه الأطماع الاوروبية الغربية في العالم الإسلامي.
تأكد العجز العثماني حينما استولت إنكلترا على مسقط عام (1800 م)
وعلى معظم مشيخات الخليج العربي بين عامي (1855 - 1882 م)،
واستولت على مصر (1882 م)، واستولت فرنسا على الجزائر عام
(1830 م)، وعلى تونس (1881 م)، وظهرت الأطماع الفرنسية في الشام
16