عرض الدكتور عمارة للوظائف التي تولاها علي مبارك في حياته،
ولمؤلفاته، وإبداعاته، كما عرض لنجاحاته وإخفاقاته، ولحياة البطالة
والعوز والفقر، وللغنى الشديد الذي أصابه حتى اصبح واحدأ من كبار
رجالات مصر، هذا التقلب الذي ترك اثراً كبيراً على حياة علي مبارك.
ناقش الدكتور عمارة رواية علي مبارك (علم الدين)؟ ومما قاله عنها: إننا
دخلنا عصر الرواية الحديثة بها، وتتميز رواية (علم الدين) بالطابع
الموسوعي، فقد كانت شاملة لأحوال الحضارة الأوروبية، ولعقد
المقارنات مع الحضارة الشرقية.
كما أنه عرض لكتابه (الخطط التوفيقية) وهو اهم مصادر تاريخ مصر في
القرن التاسع عشر، لا استغناء عنها لباحثٍ جاد في دراسته، وهو يذكر عن
منهج علي مبارك قوله: " إن علي مبارك قد نطر في رواياتِ المؤرخين القدماء
بعين ناقدة، وعقل مهندس، ومنهج علمي مستنير، يتسلّجُ صاحبه بالعلوم
الحديثة، ويؤمِنُ بالتخطيط المعتمد على التعداد والإحصاء" (1).
كما كان علي مبارك أول المهندسين الوطنيين في العصر الحديث الذين
عملوا على دراسة السبل الكفيلة بسيطرة الإنسان على النيل.
عرض الدكتور عمارة لقضية غاية في الأهمية في فكر علي مبارك، وهي:
نقده للدولة، وموقفه من الثورة، فبالرغم من أن التنوير كان في مصر في
ذلك الوقت وحتى سبعينيات القرن التاسع عشر من عمل الجهاز الحكومي
الذي كان يضمُّ مفكرين كبار، مثل: رفاعة الطهطاوي وعلي مبارك، على
الرغم من ذلك نجد أن علي مبارك كان يوجِّهُ النقدَ لما يراه خطأً في جهاز
الدولة وقمة الحكم، بل إنّه تجاوز التلميح إلى التصريح؟ لذلك دخل في
(1) علي مبارك، ص 222.
171