وفي محاولة لتوحيد الأمة بكل جوانبها وفرقها لتقفَ صفّاً واحداً ضد التيار
الاستقطابي الغربي جاء هذا الكتاب. . والذي يدهِشُنا في نتائجه التي اعترف
مؤلِّف الكتاب أنها ادهشته (هو نفسه)، فلم يكن يتخيَّلُ هذه المكانة الكبيرة
للإسلام في الفكر القومي، وهي دعو! للقراءة والتفكير والمعرفة؟ حتى
لا نقعَ أسرى المقولات السابقة التجهيز.
هذا الكتاب يترجِمُ لواحدٍ من اعلامٍ الفكر القومي العربي: "ميشيل عفلق"
أحد مؤسسي حزب البعث العربي في سورية، وهو كتالث -إن شئنا الدقَّة
في وصفه - يمثل صدمةً عنيفةً تدفع لتحريك المياه في البركة الاَسنة. .
ويعترف الدكتور عمارة أنَّه قبل قراءة مصادر هذا الكتاب ما كان يتوقع ا ن
تكون هذه هي مكانة الإسلامِ من الفكر القومي لزعيم القومية العربية ميشيل
عفلق، وهي امانة علمية وصراحة يغبط عليها الدكتور عمارة. . وهذا الكتاب
امتدا 3 لدعوة الدكتور عمارة للحوار وسيلةً حضارية بين الفرقاء في الوطن
الواحد، لأننا بالحوار نتعرف على الأفكار، وعلى رؤى بعضنا بعضأ، لذا
فهذا الكتابُ دعوةٌ للحوار بين الإسلاميين والقوميين، ليعرف كل منهما
المشترك والمختلف بينهما.
يؤكد الدكتور عمارة على أنَّ عفلق راى انَّ الإسلامَ هو الذي يكوِّنُ آوّلَ
مقومات الشخصية العربية، وهو جوهر العروبة، وملهم ثورتها الحديثة،
لذلك فإنّه من الطبيعي آن يحتلَ الإسلامُ كثورة عربية فكرية أخلاقية
اجتماعية ذات أبعاد إنسانية مركزَ المحور والروح في هذا المشروع
الحضاري الجديد للأمة العربية، فالإسلام هو الذي حفظَ العروبة،
وشخصيةَ الأمةِ في وقتِ التمزُّق والضياع، فالوطنية هي العروبة بعينها،
والعروبة هي الإسلام في جوهره.
بعد هذه القنبلة الفكرية، يؤكد الدكتور عمارة انَّ ميشيل عفلق كان قد
أسلم، ولكنّه راى هو ورفاقه عدم إعلان ذلك في وقته، وأنه عندما ماتَ
186