أكد الدكتور عمارة من خلال دراسته للأفغاني أنَّ الحكمَ المطلق رديفٌ
للجهل والتخلف، والنظام الشوري أصلجُ للأمة، إلا انَّ الشورى لدى
الأفغاني هي الديمقراطية الدستورية، لذلك رأى أنّ على المسلمين تقليدَ
الغرب في هذا المضمار جملةً وتفصيلاً.
في الوقت ذاته دعا الأفغانيئُ إلى الحفاظ على المقومات الحضارية الذاتية
للأمة الإسلامية، وحذّر الامة من الثنوير الغربي، ومن جناية الفلسفة
الوضعية اللادينية على الدين، التي أنتجت ثقافةَ الحداثةِ، وهي التي أقامت
قطيعة معرفيةً كبرى مع الموروث الديني، وأحلّت العقلَ والعلمَ والفلسفة
محلَّ اللّه والغيبِ والدين، بل إنها ألّهت العقلَ، ورفعت شعار "لا سلطان
على العقل إلا العقل وحد 5" كما جعلت من الإنسان سيداً لهذا الكون بدلاً من
أن يكون خليفةً لسيد الكون سبحانه وتعالى.
يرى الدكتور عمارة انَّ التعليقات التي أملاها رائدُ مدرسة التجديد الديني
السيد جمال الدين الا! غاني على تلاميذه، وهي التعليقات التي قدمها على
(شرح الدوّاني للعقائد العضدية) والتي نُشِرت في الأعمال الكاملة، يرى انّها
أوَّلُ نصٍّ حديمث في الإلهيات الإسلامية، ينظر في عقائد الامة بعقل
مستنير، ويقدّم لها مع النقد والإضافة، فكر فلاسفتها الإلهيين، الذين
صنعوا بإبداعهم عصر الازدهار الحضاري للأمة الإسلامية، ولكن الدكتور
عمارة يرى أنّ هذ 5 التعليقات نظرأ لفلسفتها وعمقها الشديد وتخصصها الأشد
كتابٌ للخاصة من المفكرين.
ومما يُذْكَرُ للأفغاني فيُحْمَدُ له ما ذكره الدكتور محمد عمارة وركّز عليه أ ن
الأفغاني بجانب صناعة الفكر صنع مَنْ يحمل الفكر، فقد حمل تلاميذ 5 على
الكتابة في الصحف، مما أحد! ف تطوراً أدبيّأ، وتقدم فنُّ الكتابة في مصر
بسعيه، وأنه تشجيعأ لهؤلاء التلاميذ دعا تلاميذ 5 إلى نشر أماليه واحاديثه
193