مدرسة الاستنارة واليقظة والتنوير في مصر والشرق العربي والإسلامي، تلك
المدرسة التي تكوّنت اول ما تكونت بمصر في النصف الأول من القرن
الماضي، ورائدُها هو رفاعة الطهطاوي (1 180 - 1873 م).
وكان الموقفُ الاجتماعيئُ لهذ 5 المدرسة يستهِدفُ التطور بالمجتمع من
مرحلة الإقطاع، والانتقال به إلى مرحلة البورجوازية، بكلّ ما تعني هذه
المرحلة من استنارة ومواءمة بين تدين الشرق وعلمانية الغرب وعقلانيته،
وكان مِنْ سمات مصلحي هذه المدرسة: نقد بقايا المجتمع الإقطاعي
القائم، وتسفيه قيمه، والدعوة إلى إحلال قيم المجتمع البورجوازي،
وكانت هي الأكثر تقدمأ يومئذ.
لذا نجد قاسم أمين يوجِّهُ نقده إلى المجتمع القائم، ويعيبُ عليه ضعف
الطبقة البورجوازية التجارية والصناعية فيه. . . ويسفّه الهالات التي تحيطُ
بالمجتمع من فئة الموظفين، لأنهم بلا سند اقتصادي. . ويوجِّهُ سهامه إلى
طبقة كبار الملاك الذي أغرقوا أنفسهم في التبطل، وكبلوا طاقاتهم بالسفه
والتبذير، بعد أن أغرقوا ممتلكاتهم الزراعية في الديون.
وفي موضع اَخر يسلّطُ هجومه على قيم (الكسل والتبطل والزهد
والتواكل) التي تسود المجتمع القديم، ويعلّلُ انتشارَ هذ 5 القيم المناهضة
للطموح والمنافسة بسيادة الاستبداد السياسي الذي قهر ملكاتِ الناس، وكز5
إليهم استثمار طاقاتهم. . . وبشَّر قاسم أمين كغيره من مصلحي مدرسة
التنوير بقيم المجتمع الجديد. . . فهاجم الزهدَ والقناعةَ والرضا بالقليل،
ودعا إلى الطموحِ وطلبِ المزيد.
لقد كان قاسم أمين يعي جيداً أنَّ ضعفَ البورجوازية التجارية الوطنية
يترك المجال فسيحاً وسهلاً للنشاط التجاري الذي يقوم به الأجانب
والنازحون إلى بلادنا، فأخذ ينبّه قومه الى قيمة التجارة كحرفؤ، بل
200