كتاب محمد عمارة داعية الإحياء والتجديد الإسلامي

ثانياً: العوامل الثقافية:
سادت التيارات اليسارية -في مصر خصوصأ- في النصف الاول من
القرن العشرين، ونتيجة لأفكارِها البراقة الداعية لمقاومة الاستخراب
(الاستعمار) الاوروبي الجاثم على صدور الشعوب المغلوبة ومنها الشعوب
الإسلامية، والداعية أيضأ للعدالة الاجتماعية، وعدالة توزيع الثروات،
جذبت هذه التياراتُ عددأ كبيراَّ مَن المثقفين ومنهم الدكتور محمد عمارة،
الذي انضم إليها، ولكن سرعان ما زال بريقُها أمامه لتعمّقه الفكري في
دراستها، فخرج مبتعدإً عنها، ولكنّها أفادتْهُ في أمرين؟ هما:
1 - دراسته واطلاعه على الفكر اليساري عمومأ، ونظرياته المختلفة
عمَّقت ثقافته، مما أعطاه قوةً في رؤية ونقد هذا الفكر على أساس علمي بعيد
عن العواطف.
2 - جعلته يتجه إلى التراث الإسلامي باحثأ فيه عن العدالة الاجتماعية،
ومحاربة الطبقية والفقر، كما بحثَ عن الجانب الثوري والعقلاني في
الإسلام.
ظهرت عدّةُ تيارات إسلامية بَدْءاً من النصف الأول من القرن العشرين
للبحث في مقاومة الغرب سياسيّأ وثقافيّأ، والنهوض بالمسلمين عن طريق
الدعوة لإقامة حكومات إسلامية مستقلة يرتبط بعضها ببعض في شبه اتحاد،
فعمل الدكتور محمد عمارة على البحث في أنماط المشاريع الإسلامية
المختلفة بَدْءاً من مدرسة الإحياء الإسلامية، ومروراً بحسن البنا،
وأبي الاعلى المودودي، وسيد قطب، وعبد الرزاق السنهوري، ومحمد
الغزالي، ويوسف القرضاوي، وهي محاولة منه للغوص في أعماق الفكر
الإسلامي، وتوضيح رؤية الإسلام لمختلف القضايا.
إضافة لما سبق تسود الواقع الثقافي الإسلامي حالة من التدهور
21

الصفحة 21