كتاب محمد عمارة داعية الإحياء والتجديد الإسلامي

الحاجة، وليقدّمها للآخرين الذين إما انهم يتناسونها، او يفترضون فينا عدم
معرفتها، كالحروب الدينية في الغرب واَثارها المدمِّرة التى لا تعترف بالاخر
إطلاقأ، وانعكاس ذلك على العلاقة مع المسلمين.
والدكتور عمارة حينما يتحدث عن الأقليات في المجتمع الإسلامي
لا يكتفي بالحديث عن الشق النظري المتمثل في موقف القران والسنة من
الأقليات، بل يشفع ذلك بنماذج ووقائع من أحداث التاريخ الإسلامي على
كافة فتراته ومراحله، وذلك يؤيد صدقيَّة آرائه ومنطلقاته في هذ 5 الحالات.
والتاريخ عند الدكتور عمارة وسيلة لاستنهاض الأمة، ومحاولة الوعي به
لمعرفة الإيجابيات في شخصية الأمة، مما يحفِّز للانطلادتى نحو البعث
الجديد، وهو يبحث ويحاور ويناقش في أحداث التاريخ لمحاولة وضع اليد
على الحقائق، فهو يقول: "إنه المنهج الذي يضع يدنا على الحقيقة،
ويعطي عقولنا الفرصة كي نتأمل الإنجازات الحقيقية لهذه الأمة، حتى
تتزود بما هو ضروري لمواصلة الطريق " (1).
ولكنّ الغريب في موقف الدكتور عمارة من التاريخ هو اتهامه للعصر
العثماني بالجمود والتخلُّف والرجعية، وهو رأي يحتاج للمراجعة في ظل
عشرات الكتب والرسائل التي أثبتت عكس ذلك، وأثبتت أنَّ هذا العصر ظُلِم
من جانب اعداء الأمة، وهو ظُلْم متعمَّدٌ لأسباب لا داعي لذكرها الاَن،
لأنها تحتاج إلى الاستفاضة.
ولا يمكن أن نرضى أن ينطلق الدكتور عمارة في هذه النقطة من المنطلق
نفسه الذي ينطلق منه أعداء الأمة في موقفهم من الدولة العثمانية، وهي اخرُ
خلافة إسلامية عظيمة في التاريخ الإسلامي.
(1)
الدكتور محمد عمارة: عندما أصبحت مصر عربية، دار الثروق،
القاهرة، 97 9 1 م، ص 7.
30

الصفحة 30