ا- موقفه من العقلانية:
يؤمن الدكتور عمارة - وهو على حقٍّ - بأنَّ الإسلامَ يُعْلي من شأن العقل
البشري، وهناك عشرات الاياتِ القراَنية التي تدعو الإنسانَ إلى النظر والتفكر
والتدبّر، وكلّها دعوة للتفكير ضد الجمود، وضد الخرافات والخزعبلات،
وهو ينتمي إلى مدرسة الإحياء الديني الحديثة، التي عملت على التجديد في
الفكر الإسلامي، وإلى التزاوج بين التراث وبين الجديد، ولكن بعد تنقية
هذا التراث.
ويؤمِنَ اصحابُ هذا الاتجاه بدراسة الاراء واصحابها وِفْق الفترة
والظروف التي كانوا يعيشون فيها، فتغئر الظروف والأحوال يغيّر الكثير
من هذه الاراء، فيجب ألا نأخذ الأصول كمسلَّمات، ولا نأخذ
الاراء ونعمِّمها، كالموقف من الغناء والموسيقى والفنون الجميلة.
وفي محاولة لإعلاء قيمة العقل والتجديد عمل هذا التيار الذي يقوده في
وقتنا الحاضر الدكتور عمارة على بَعْث هذا التراث المستنير والعقلاني
والتجديدي في تراثنا الإسلامي قديمأ وحديثأ، ولكنّ هذا الموقف دفع بعض
التيارات السلفيَّة لإلقاء التهم الجزافية على الدكتور عمارة وموقفه دون ترؤّ
ودون حوار، الحوار الذي يدعو إليه في كتبه للالتقاء حول وسطية الإسلام،
ولمحاولة الارتقاء والتجديد في الفكر الإسلامي، وهو أساس المشروع
الفكري للدكتور عمارة.
من تلك التهم التي يوجّهونها إليه:"غلوّه في تعظيم العقل البشري
القاصر": " يبالغ الدكتور عمارة -شأنُهٍ شأنُ أسلافه من المعتزلة - في تمجيد
العقل البشري القاصر، وإنزاله محلاّ رفيعأ يجعله حاكمأ على النصوص
الشرعية لا محكومأ لها، ممَّا أدَّاه إلى ردِّ كثير من النصوص والأحكام
34