كما وُخه للدكتور عمارة اتهامٌ بمهادنة الكفرة والملاحدة والشيوعيين (1) ا
وكان هذا الاتهام على خَلْفية رؤية الدكتور عمارة لحكم المحكمة بارتداد
الدكتور نصر أبو زيد، ووجوب التفرقة بينه وبين زوجته، فرؤية الدكتور
عمارة تنطلق من إيمانه بتعدُّدية الإسلام، لكنّ التعدُّدية التي تتسع لتجمع
المسلم والعلماني والشيوعي، ودعوته للحوار بين الفرقاء بدلاً من إلقاء
القذائف والحمم التي لن يستفيد منها إلا أعدإء الامة، فالحوار يقرِّب
المسافات بين مختلف الاتجاهات.
ورأى أنَّ الردَّ على الكفر والبهتان لا يكون إلا بالكلمة، لا بمصادرة
الكتب وإلقاء الاتهامات، كما أنَّه أكَّد على أنّ المحاكم لا تختصُّ بهذه الرؤى
الفكرية، وأصحاب الاختصاص هم المفكرون الذين يجب أن يوجهوا
جهودهم للردِّ والبحث والمناقشة في هذه الأفكار. . هذا هو الموقف الفكري
الثابت للدكتور عمارة، الذي قام بالردِّ على اَراء وأفكار الدكتور نصر أبو زيد
مفنِّدإً إياها بالحجة والبرهان والأدلة العقلية لابالعواطف وإلقاء التهم
جُزافأ، وأعتقد أنَّ هذا أكثر إفادة للإسلام بما لا يقارن من الردود العاطفية.
إننا لا ندإفع عن الدكتور محمد عمارة من فراغ، "ولكن مما لا شك فيه
أننا نقف إزاء تجربة فريدة لأستاذ محقِّق ومؤلِّف من طراز نادر، استطاع عبر
سنوات طويلة من الجهاد والكفاح والمثابرة أن يخرج علينا بنمط مقبول من
معظم المهتمين بقضايا الفكر الإسلامي وتطوره ومكانته في الساحة العالمية،
واستشرف المأمول منه، في وقت استجمع فيه العالَمُ كلَّ قواه ليكون فعلاً
قرية صغيرة. . .، وتماهت ال! شدودُ إلى درجة لم نعرفها من قبل، وانتشرت
كل الأفكار بمختلف اتجاهاتها وأفكارها" (2).
(1)
(2)
الشيخ يوسف البدري، راجع: صحيفة الأهالي، القاهرة 7/ 26/ 995 أم.
راجع: الشيخ عبد المقصود خوجة، في تكريم الدكتور محمد عمارة في
الإثينية 233، جدة.
41