كتاب محمد عمارة داعية الإحياء والتجديد الإسلامي

والذين يصعدون هذه الكراهة لدرجة التحريم.
وهو يدعونا للعودة في هذه المضية إلى القرآن الكريم، والبيان النبوي
وهو السنة النبوية، التي كانت تجربة حياتية معاشة في صدر الإسلام، وهذه
المصادر تمثّل الأصول الثابتة للفكر الإسلامي الصحيج، كما علينا العودة
للاسترشاد بالثوابت التي جاءت في فكر الأئمة المجتهدين لا المقلدين.
فالجمال الذي يظنُّ بعضُ الناس مخاصمة الإسلام له، لو تأملناه بعقلانية
لوجدناه بعضأ من آيات اللّه في الكون، "فهو بعضق من صنع اللّه، سوّ 51
وسخّره للإنسان طالبأ منه أن ينظُرَ فيه، ويستمتع به، ويستجلي اسراره،
فالجمالُ والزينةُ منفعة محققة خلقها اللّهُ للإنسان، وهي تدلُّ على كمال قدرته
سبحانه وتعالى، وتعطيلُ النظر فيها باصطناع الخصومة بين الإسلام وبين
جماليات الحياة ما هي إلا تعطيل للدليل على وجود الصانع المبدع لهذه
الايات " (1).
وناقش الدكتور محمد عمارة الأدلة التي يستخدمها المعارضون لهذه
الفنون، وهي حسب قوله: تنطوي تحت أحدَ عشر مأثوراً من الأحاديث تفيدُ
منع الغناء، والنهيَ عنه، وتتوعّد المغنين والسامعين، كما يستدلّون ببعض
الوقائع التي حدثت في عصر النبوة، وأيضأ تفسير عدد من المفسرين لكلمة
(اللهو) بأنَّ المقصود بها الغناء، فنجدُ المؤلفَ ناقش هذه الآراء بالأدلة
النقلية والسنة العملية، واستخدم الأدلة العقلية أيضأ، وناقش اراء الأئمة
المجتهدين كابن حزم، الذي تتبع أحاديث المنع، وقال: إنها معلولة،
واتفق معه كثيرون من العلماء البارزين في نقد رواتها؟ مثل: الذهبي وابن
حجر.
ونفسُ الأمر في الأحاديث التي وردت في تحريم الات الموسيقى
(1) راجع: الدكتور محمد عمارة: الإسلام والفنون الجميلة، ص 19.
79

الصفحة 79