كتاب وسطية أهل السنة بين الفرق

الشريعة كلمة فما فوقها"1.
وقال القاضي عياض: "لا خلاف أنهم -أي: الأنبياء- معصومون عن كتمان الرسالة، وعن التقصير في التبليغ"2.
وكيف يتصور منه صلى الله عليه وسلم كتمام شيء مما أنزل عليه، وقد أمره ربه بأن يبلغه عباده، في قوله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} 3.
وما كان له صلى الله عليه وسلم أن يخالف أمر ربه، وما هو مظنة ذلك، وما هو على وحي ربه بمتهم.
ومن قال: إنه لم يبلغ منه شيئًا، أو أنه ادخر منه شيئًا لم يبلغه أو آثر به بعض أمته فقد أعظم عليه صلى الله عليه وسلم الفرية وأتى بزور من القول ومنكر.
__________
1 الفصل في الملل والنحل 2/ 116.
2 الشقا 2/ 144.
3 سورة المائدة آية 67.
ثانيًا: ذكر قول بعض من غلا وأفرط في تعظيمه صلى الله عليه وسلم
لقد حذر الرسول صلى الله يه وسلم أمته من الغلو بعامة فقال: "إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو" 1، يشير إلى أهل الكتاب الذين قال الله فيهم: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} 2.
وقد تقدم في الباب الأول ذكر صور من غلوهم.
فحذر صلى الله عليه وسلم أن يصنعوا كما صنع أولئك، ونهاهم عن الغلو فيه وإطرائه ومجاوزة الحد في مدحه، كما تقدم3.
__________
1 انظر: ابن أبي عاصم، السنة 98.
2 سورة المائدة آية 77.
3 انظر: ص435.

الصفحة 437