كتاب كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الآخرين في العصر الرقمي
133
لأنفسنا برؤيته، فمن السهل علينا أن نتمامل مع التنافر على أنه هوة عميقة
لا يمكن عبورها - ويصبح القرار الوحيد وقتها هو أن يقوم أحد الأطراف
بالقفز (أو يتعرض للدفع) من على الجرف، بحيث يبقى الطرف الآخر
وحيدا، وهذا امر يبتعد عن الحقيقة تماما. ينصح "المهاتما غاندى" قائلا:
"إن الصداقة التى تصر على الاتفاق على كل الأمور لا تستحق أن تحمل
هذ| الاسم، إنما الصداقة الحقة هى التى تقوم دوما بالحفاض! على مكانة
الاختلافات الصادقة مهما كانت درجتها".2 والحقيقة هى أن الاختلاف
كثيرا ما يكون مجرد صدع صغير يمكننا تجاوزه بكل سهولة إذ ا حضرنا إلى
مائدة المفاوضات بعقول اكثر تفتحا0
وقد فسرت إخصائية السلوكيات المؤسسية "إستير جيليز" الأمر فى
مقابلة أجريت معها مؤخرا، فقالت: ا ا إننا نتحدث لأننا نعرف شيئا ما، أ و
نعتقد أننا نعرف شيئا ما، أو يحدث هذا فى مكان العمل، لأنه يكون هناك
توقع بأننا "يجب" أن نكون على علم بشىء ما أ'30 ويميل هذا التوقع بالمعرفة
إلى العمل فى غير صالحنا فى تفاعلاتئا، لأنه يتسبب فى إغلاق عقولنا أمام
الاحتمالات الموجودة خارج نطاق معرفتنا التى نحضرها معنا إلى مائدة
المفاوضات. إننا نبد أ التفاعل مع الآخرين بينما نؤيد فكرة معينة فى عقولنا،
واذ ا لم نجد تأييدا من الطرف الآخر، فإننا نقضى بقية التفاعل فى محاولة
إما تفنيد تقييم الطرف الآخر، أو انتقاد حقه فى التقييم من الأساس.
وتصبح نتيجة هذا التعاون - أو الاحتمال الأكبر - هى الخسارة. واذ ا كان
هذا هو أسلويك، فانك نادرا ما ستحقق التقدم فى علاقاتك مع الآخرين.
وترى "جيليز'' أن كل الطرق الفعالة لحل المشكلات، والتعاون، وتسوية
النزاعات تبد أ بإفراغ المقل تماما - من الأمور التى نعرفها أو التى نعتقد أننا
ينبنى أن نكون على علم بها.
تعترف ''جيليز'أ قائلة: "من الممكن أن يبدوهذا الأمر غير طبيعى للغاية،
لأننا تدربنا على إظهار ما نفكر فيه وعلى استعراض معرفتنا وذكائنا - فإننا
نتكلم لأننا نفكر"، ورغم ذلك، فعندما نتمامل مع الحديث بعقلية فارغة
من أية أفكار مسبقة، فاننا نتخذ أسلوبا اكثر تواضعا وصدقا 0 وهكذا، فاننا