كتاب كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الآخرين في العصر الرقمي
207
هل الحقيقة قرص دواء مر فعلا، أم هى على الأقل مبالغة فى الواقعية؟
إنها ليست كذلك غالبا، لكننا ربما يكون لدينا استعداد لنراها على هذا
النحو، خاصة إذ ا ما كان هناك هم يشغلنا ويقض علينا مضجعنا 0 فإن أصل
الإنسان الصياد ما زال يملى علينا بذل الانتباه الشديد لمعظم الظروف
الدرامية المحيطة بنا، وهى فى العادة تكون سلبية. فبقاؤنا يعتمد على وجود
هذه القدرة - أو أنه كان يعتمد عليها فى السابق على أية حال. وقد أثبت
علماء الأعصاب فى دراسات عديدة " أننا نكون أكثر اهتماما بالتهديدات
المرتبطة بالأمور السيئة أكثر من اهتمامنا باحتمالات حدوث الأشياء الجيدة 0
فالإشارات السلبية بالمخ لدينا هى أكثر حساسية من المحفزات الإيجابية أ'
على حد قول "راى ويليامز'' أحد مدربى القيادة 30 بل إننا نتذكر الأحداث
السلبية بشكل افضل، أو على الأقل تتداعى عليها ذكرياتنا.
وللأسف، تظهر الأبحاث ان هذا التأثير لا ينحصر على الأفعال وانما يمتد
كذلك إلى الانطباعات التى نشكلها عن الآخرين. فنحن ربما نعطى وزنا أكبر
للصفات أو ا لسلوكيات التى نرى انها سلبية، أكثرمن تلك الصفات أو السلوكيات
التى نراها إيجابية، خاصة إذ ا كانت ذ ات طبيمة أدبية أو أخلاقية.4
وفى تلك الأوقات التى نأمل فيها بشدة أن نشجع الناس على التغيير، فإننا
غالبا نصاب بالإحباط من السلوك الحالى. فتنشغل عقولنا مسبقا بالسلوك
السلبى. وهو ما يشكل نظرتنا للواقع، ومن ثم طرد الأشياء الإيجابية من
الأفعال والسلوكيات بشكل جماعى. ومن ثم فلا عجب فى أننا فى تواصلاتنا
لا يمكننا على ما يبدومقاومة القفز إلى المشكلة - أومن وجهة نظر المستمعين
لنا - القفز إلى النقد0
إن عقول مستمعينا تشبه عقولنا تماما. فالجانب السلبى أو النقدى
فيما نقوله هو اول ما يستحوذ على اهتمامهم. فانه يستبعد كل احتمالات
استكشاف الفرص الإيجابية فى الحوار 0 وأنا على يقين من أنك رأيت هذا
يحدث أمامك من قبل: فتتصلب الوجوه، وتتجمد التعبيرات، وتبقى العيون
وحدها كاشفة عن غليان الاعتراض الداخلى الذى يحجب أى شىء تنطقه
ويكون مخالفا لهذا الاعتراض.