كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى - ت كوشك

ولد في مدينة سبتة في منتصف شعبان سنة (476 هـ)، وتوفي بمدينة
مراكش سنة (4 4 5) هـ، وعاصر دولتي: المرابطين والموحدين.
ربي القاضي عياض في أحضان أسرة عربية أصيلة، صالحة دينة، خيرة
موسرة، فنشأ على العفة والصيانة، والصلاح والتقوى، تاركا للعب،
معرضا عن اللهو، مقبلا على العبادة، شغوفا بالعلم، محبا للجهاد، عاملا
مجتهدا، هينا من غير ضعف، صليبا في الحق، ورعا متواضعا، صواما
قواما، حافظا لكتاب الله تعالى، مكثرا من تلاوته، يقوم ثلث الليل الاخر
لجزء منه، لم يترك ذلك قط على أية حالة حتى يغلب عليه، وكان كثير
الصدقة، والمواساة، من أكرأ أهل زمانه، وحاز من الرئاسة في بلده،
والرفعة ما لم يصل إليه أحد قط من أهل بلده، وما زاده ذلك إلا تواضعا
وخشية لله تعالى. جلس للمناظرة، وله نحو من (28) سنة، وولي القضاء وله
(35) سنة.
وكان قاضيا عادلا، لا تأخذه في الحق لومة لائم، وكان خطيبا مصقعا،
وشاعرا مجيدا، وكاتبا بليغا، وأصوليا متكلما، وإماما بارعا، متفننا في علم
الفقه، والحديث، وعلومه، والنحو، واللغة، وكلام العرب، وأنسابهم،
وأيامهم.
قال الذهبي: واستبحر من العلوم، وجمع، وألف، وسارت بتصانيفه
الركبان واشتهر في الافاوا، وتواليفه نفيسة.
وقال الفقيه محمد بن حمادة ال! بتيئ: لم يكن بسبتة في عصر أكثر تواليف
من تواليفه.
وقال ابن خلكان في "وفيات الأعيان ": وكل تواليفه بديع!.
المملكة المغربية، في مضيق جبل طارق، حيث يلتقي البحر الأبيض المتوسط مع المحيط
الأطلسي، وقد دخل أهلها في الإسلام طوعا سنة (92) هـ، وخصها القاضي عياض بكتاب
سماه: " الفنون الستة في أخبار سبتة " وهي الان مثل: " مليلة " تقع تحت الاحتلال الإسبافي.
33

الصفحة 33