كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى - ت كوشك

وكذلك ما ورد من اخباره وأخبار سائر (1) الانبياء - عليهم السلام - في
الاحاديث مما في ظاهره اشكال يقتضي أمورا لا تليق بهم بحال، وتحتاج إلى
تأويل، وتردد احتمال (2)، فلا يجب أن يتحذث منها إلا بالصحيح،
ولا يروى منها الا المعلوم الثابت.
فرحم الله مالكا، فلقد كره التحذث بمثل ذلك من الاحاديث الموهمة
للتشبيه والمشكلة المعنى، وقال: ما يدعو الناس إلى التحدث بمثل هذا؟ فقيل
له: إن ابن عجلان (3) يحدث بها، فقال: لم يكن من الفقهاء، وليت الناس
وافقوه على ترك الحديث بها، وساعدوه على طيها، فان اكثرها (4) ليس تحته
عمل.
وقد حكي عن جماعة من السلف، بل عنهم على الجملة، انهم كانوا
يكرهون الكلام فيما () ليس تحته عمل، والنبي! - أوردها على قوم عرب
يفهمون كلام العرب على وجهه، وتصزفاتهم في حقيقته ومجازه، واستعارته
(202/أ) وبليغه وايجازه، فلم تكن في حقهم مشكلة، ثم جاء من غلبت عليه
العجمة، وداخلته الامية، فلا يكاد يفهم من مقاصد العرب إلا نصها
وصريحها، ولا يتحقق باشاراتها إلى غرض الإيجاز، ووحيها وتبليغها،
وتلويحها دون تصريحها (6)، فتفرقوا في تأويلها ا أو حملها على ظاهرها [شذر
(1)
(2)
(3)
(4)
(5)
(6)
في الأصل زيادة: " الامم و"، وهي إقحام من الناسخ.
في الأصل: "وتردد واحتمالي " والمثبت من المطبوع.
هو محمد بن عجلان، أبو عبد الله القرشي المدني. قال الذهبي: كان فقيهأ، مفتيأ،
عابدا، صدوقأ، كبير الشأن، له حلقة كبيرة في مسجد رسول الله جم! ". كان من شيوخ
الإمام مالك. ولد في خلافة عبد الملك بن مروان، ومات سنة (148) هـ. انظر ترجمته في
سير أعلام النبلاء 6/ 317 - 322.
في المطبوع: "فاكثرها" بدل " فان أكئرها".
في الاصل: " مما"، والمثبت من المطبوع.
قوله: "دون تصريحها"، لم يرد في المطبوع.
7 0 8

الصفحة 807