كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى - ت كوشك

وكذلك اليهودي والنصراني، فان تابوا قبل منهم توبتهم (1)، وإن لم يتوبوا
قتلوا، ولا بد من الاستتابة، وذلك كله كالردة، وهو الذي حكاه
أ القاضي [ابن نصر عن المذهب.
وأفتى أبو محمد بن أبي زيد -فيما حكي عنه - في رجل لعن رجلا
ولعن الله، فقال: إنما أردت أن ألعن الشيطان فزل لساني، فقال: يقتل بظاهر
كفره، ولا يقبل عذره.
وأما فيما بينه وبين الله أتعالى [فمعذور.
واختلف فقهاء قرطبة في مسألة هارون بن حبيب أخي عبد الملك الفقيه (2)،
وكان ضيق الصدر، كثير التبزم (3)، وكان قد شهد عليه بشهادات، منها أنه
قال عند استقلاله من مرض (4): لقيت في مرضي هذا ما لو قتلت أبا بكر وعمر
لم أستوجما هذا كله.
فأفتى إبراهيم بن حسين بن خالد بقتله، وأن مضمن قوله () تجويو لله (6)
تعالى وتظلم منه، والتعريض فيه كالتصريح.
وأفتى أخوه عبد الملك بن حبيب، وإبراهيم بن حسين بن عاصم،
وسعيد بن سليمان القاضي بطزح القتل عنه، إلأ أن القاضي رأى عليه التثقيل
في الحبس (7)، والشدة في الأدب، لاحتمال كلامه، وصرلمحه إلى التشكي.
فوجه من قال في ساب الله تعالى بالاستتابة: إنه كفو ورذ! محضة لم يتعلق
(1)
(2)
(3)
(4)
(5)
(6)
(7)
قوله: " توبتهم "، لم يرد في المطبوع.
في الأصل: "بن الفقيه "، والمثبت من المطبوع. وعبد الملك بن حبيب الفقيه المالكي.
تقدمت ترجمته.
(كثير التبرم): كثير السامة والضجر.
(استقلاله من مرضبى). ارتفاعه عنه.
(مضفن قوله): أي ما تضفنه.
(تجويو لله): اي نسبته إلى الجور، وهو الظلم. وهو محال في حقه سبحانه وتعالى.
(التثقيل في الحيس): أي بوضع القيود والأغلال.
833

الصفحة 833