كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى - ت كوشك

وكانت عجب -عمة هذا المطلوب - من حظاياه (1)، وأعلم باختلاف
الفقهاء، فخرج الإذن من عنده بالأخذ بقول ابن حبيب وصاحبه، وأمر بقتل
المذكور فقتل، وصلب بحضرة الفقيهين، وعزل القاضي لتهمته بالمداهنة (2)
في هذه القصة، ووبغ بقية الفقهاء وسبهم.
وأما من صدرت عنه من ذلك الهنة (3) الواحدة والفلتة الشاردة (4) - ما لم
يكن تنقصا وإزراء - فيعاقب عليها ويؤدب بقدر مقتضاها، وشنعة معناها،
وصورة حال قائلها، وشزح سببها ومقارنها.
وقد سئل ابن القاسم ارحمه الله [عن (219/أ) رجل نادى رجلا باسمه،
فأجابه: لبيك، اللهم! لبيك.
فقال: إن كان جاهلأ، أو قاله على وجه سفه () فلا شيء عليه.
قال القاضي أبو الفضل: وشرح قوله أنه لا قتل عليه، والجاهل يزجر
ويعلم، والسفيه يؤدب، ولو قالها على اعتقاد إنزاله منزلة ربه لكفر. هذا
مقتضى قيلي.
وقد أسرف كثير من سخفاء (6) الشعراء ومتهميهم في هذا الباب،
واستخفوا عظيم هذه الحرمة، فأتوا من ذلك بما ننزه كتابنا ولساننا (7)
وأقلامنا عن ذكره، ولولا أنا قصدنا نص مسائل حكيناها لما (8) ذكرنا شيئا مما
يثقل ذكره علينا مما حكيناه في هذه الفصول.
(1)
(2)
(3)
(4)
(6)
(7)
(8)
(من حظاياه): اي من حلائل الأمير عبد الرحمن بن الحكم، اللاتي يحبهن.
(المداهنة): المصانعة والملاينة.
(الهنة): الخصلة من الشر. والمراد بها: مقالته القبيحة.
(الفلتة الشاردة): الهفوة غير المقصودة.
(ال! فه): الجهل والطيش.
(سخفاء): جمع سخيف، والسخف: رقة العقل.
في الأصل زيادة: "منها"، لم ترد في المطبوع.
في المطبوع: "ما".
868

الصفحة 868