كتاب الإدارة في عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

عرف العرب قبل الإسلام شيئا من تسلسل الرتب القيادية، فمن الرئيس الذي يتمثل بشيخ القبيلة أو رديفه «1» إلى المنكب بدليل قول عامر بن الطفيل (ت 10 هـ) :
ولكني أحمي حماها وأتقى ... أذاها وأرمي من رماها بمنكب «2»
وكان المنكب مسؤولا عن خمسة عرف حيث عرفت عنهم وقد يعرف بدليل قول طريف بن تميم «3» :
أو كلما وردت عكاظ قبيلة ... بعثوا إليّ عريفهم يتوسّهم «4»
ويقول علقمة بن عبدة:
بل كل قوم وإن غزوا وإن كثروا ... عريفهم بأثافي السر مرجوم «5»
وعند ظهور الإسلام كان الرسول صلّى الله عليه وسلم- الرئيس الأعلى للجماعة الإسلامية- يخرج إلى القتال بنفسه «6» أو يؤمر أحد أصحابه ويزودهم بتوجيهاته، ومن ذلك ما كتبه لعبد الله بن جحش في سرية نخلة «7» ، وذكر ابن إسحاق (ت 151 هـ) أن النبي صلّى الله عليه وسلم أمّر أسامة بن زيد حين بعثه إلى الشام أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين..» «8» .
وكانت الواحدة الصغرى في القيادة «العرافة» ، وقد وردت أول إشارة لها في غزوة حنين (9 هـ) . فيروي الواقدي (ت 307 هـ) أن الرسول صلّى الله عليه وسلم جعل الناس في حنين عرافات على كل عشرة عريفا «9» . وأشار النبي صلّى الله عليه وسلم إلى أهمية العرفاء فقال: «إن العرافة حق، ولابد للناس من العرفاء..» «10» ، وكان العريف مسؤولا عن شؤون عرافته
__________
- والنهاية (ج 4، ص 61) .
(1) محمد فرج، فن إدارة المعركة في الحروب الإسلامية، القاهرة، الشركة العربية المتحدة، (1972 م) ، (ص 22) .
(2) ابن الطفيل، ديوانه (ص 13) .
(3) شاعر جاهلي من فرسان تميم. انظر: الزركلي، الأعلام (ج 3، ص 226) .
(4) ابن سيده، المخصص (ج 3، ق 1، ص 132) . ابن منظور، اللسان (ج 3، ص 317) . ابن الأثير، الكامل (ج 1، ص 368) .
(5) المفضل الضبي، المفضليات (ص 401) .
(6) انظر: ابن هشام، السيرة (م 1، ص 612) ، (م 2، ص 44، 45، 46، 65، 190، 234، 282، 289، 308، 328، 399، 440، 529) .
(7) ابن هشام، السيرة (م 1، ص 439) .
(8) ابن هشام، السيرة (م 2، ص 278) . الطبري، تاريخ (ج 3، ص 184) .
(9) الواقدي، المغازي (ج 3، ص 952) . وانظر: الشافعي، الأم (ج 4، ص 158) . الطبري، تاريخ (ج 4، ص 488) (الشعبي) . عون، الفن الحربي (ص 110) . العدوي، نظم (ص 313) .
(10) أبو داود، السنن (ج 3، ص 92، 93) .

الصفحة 201