أصحُّها: أنهُ إخبارٌ عن كثرةِ السراري وأولادهن؛ فإنَّ ولَدَها مِن سيدها بمنزِلةِ سيدها؛ لأنَّ مالَ الإنسان صائرٌ إلى ولدِه، وقد يتصرَّفُ فيه في الحال تصرّف المَالِكين: إمَّا بالإذن، أو بقرينة الحال أو عُرف الاستعمال.
وعبَّرَ بعضهم عنه: "بأن يستوليَ المُسلِمون على بِلاد الكُفر، فتكثر فيه السَّراري فيكون ولد الأَمَة من سيدها بِمَنْزِلة سيدها لشَرَفه مِن أبيه، وعلى هذا فالذي يكون مِن أشراط السَّاعة: استيلاء المسلمين على المشركين، وكثيرة الفتوح، والتَّسري" (¬1).
ثانيها: أنَّ معناه أن الإماء تلدن الملوك فتكون أُمُّه مِن جُملةِ رعِيَّتِهِ وهو سيدها وسيِّد غيرها من رَعِيَّته: قاله الحربي.
ثالِثُها: أن معناه بأنه تفسدُ أحوالُ الناس فيكثر بيعُ أمهات الأولاد في آخر الزمان، فيكثر تردادها في أيدي المشركين حين يشتريها ابنُها من غير علم.
وعلى هذا يكون مِنَ الأشراط غَلَبَةُ الجهل بتحريم بيعِ أمَّهَات الأولاد، [والاستهانة بالأحكام الشَّرْعِيَّة، وهذا على قول مَن يرى تحريم بيع أُمَّهات الأولاد] (¬2) وَهُم الجُمهُور (¬3)، ويَصِحُّ أن يُحْمَلَ ذلِكَ على بَيْعِهِنَّ في حالِ حَمْلِهِنَّ، وهو مُحَرَّمٌ إجماعًا.
¬__________
(¬1) قاله أبو العباس القرطبي في "المفهم" (1/ 148).
(¬2) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، وأَثْبَتُّهُ مِن "المفهم" (1/ 148)؛ لأنه من كلام القرطبي، وقد نقل أبو عبد الله القرطبي كلام شيخه صاحب "المفهم" في كتابه "التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة" (3/ 1247) بحروفه. والظاهر أن نظر الناسخ انتقل فأسقط العبارة، ولا تستقيم العبارة إلا بما أثبتناه، والله أعلم بالصواب.
(¬3) ينظر: "الأم" للشافعي (7/ 175)، و"المغني" لابن قدامة (14584 - 589)، و"عجالة المحتاج" للمؤلف (4/ 1901).