كتاب المعين على تفهم الأربعين ت دغش

"هذا جبريل". فيُحتَمَل أنَّ عمر لم يحضُر قولَه هذا، بل كان قامَ، فأُخبِرَ به بعدَ ثَلاثٍ (¬1).
فائدة: "ملِيًّا" غير مهموزة، ومنهُ: {وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا} [مريم: 46] "لأنَّهُ مِنَ المَلَوَان: الليل والنَّهار (¬2). {وَأُمْلِي لَهُمْ} [الأعراف: 183]، و"إن اللهَ لَيُمْلِي للظَّالِمِ" (¬3).
أمَّا: المليء، ضد المُعْدَم، فهو مهموز؛ لأنَّهُ مِن مَلأَ كِيسَهُ ونحوه مالًا، ومِن الملاءة: وهو اليَسَار، والملأ مِن الناس (¬4).
التاسع بعد العشرين: قوله "إنه جبريل" جبريل اسم عجمي سرياني، قيلَ معناه: عبد الله، وفيه لُغات وقِراءات مَحَل الخَوْض فيها كتب التفسير (¬5).
والحديث: دالٌّ على أن الربَّ -جل جلاله- يُمَكِّن الملائكةَ أن يتَمَثَّلُوا فيما شاءوا مِن صُوَر بني آدم، كَمَا نصَّ الله على ذلك في قوله تعالى: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: 17]. وقد كانَ جبريل يتمثَّل لنبينا - عليه أفضَل الصلاة
¬__________
(¬1) وهذا الذي جاء في رواية أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد -وقد تقدّم تخريجها- قال عمر - رضي الله عنه -: "فلقيني النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدَ ذَلِكَ بِثلاث فقال: يا عمر ... " الحديث.
(¬2) المَلَوَان والجَديدان والعَصْران كلها المُراد بها الليل والنهار، وهذا من مزدوج الكلام.
انظر: "بهجة المَجَالِس" لابن عبد البر (1/ 92). وللفائدة انظر: "الطبقات الكبرى" للسبكي (2/ 196 - 198).
(¬3) رواه البخاري (6/ 74 رقم 4686)، ومسلم (4/ 1997 رقم 2583) من حديث أبي موسى - رضي الله عنه -.
(¬4) انظر: "تهذيب اللغة" (15/ 403 - 406).
(¬5) انظر: "جامع البيان" للطبري (2/ 388 - 392)، "زاد المسير" لابن الجوزي (1/ 117 - 119)، "الجامع لأحكام القرآن" (2/ 37 - 38)، و"فتح الباري" (6/ 354)، و"أجوبة الحافظ ابن حجر على أسئلة بعض تلامذته" (92 - 94). وللتوسع في مراجعة كتب التفسير راجع: آية (97) من "سورة البقرة" وقد ذكروا في جبريل "ثلاث عشرة لغة".

الصفحة 121