كتاب المعين على تفهم الأربعين ت دغش

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= وحسب امرئ من العلم به والقول فيه أن ينتهي إلى قول الله- عزَّ وجلَّ ثناؤه- الصادق وهو قوله: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110] وقو له: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180] " اهـ.
وكان سبب حدوث هذه المسألة، أن الجهمية قالوا: إن الاسم غير المسمى وأسماء الله غيره، وما كان غيره فهو مخلوق، لأن الله -تعالى- وحده هو الخالق، وما سواه مخلوق، فإذا كانت أسماؤه غيره، فهي مخلوقة. فرد عليهم السلف، واشتد نكيرهم عليهم، لأن أسماء الله من كلامه، وكلام الله غير مخلوق، فهو الذي سمى نفسه بهذه الأسماء. فكان مراد الذين يقولون الاسم غير المسمى هو هذا.
ولهذا قال الإمام الشافعي: "إذا سمعتَ الرجُلَ يقول: الاسم غير المسمى، فاشهد عليه بالزندقة". [رواه ابن عبد البر في "الانتقاء" (133)، و"الجامع" (2/ 941 رقم 1793)، والهروي في "ذم الكلام" (6/ 88 رقم 1139)، والبيهقي في "مناقب الشافعي" (1/ 405)، و"الاعتقاد" (64)].
والصواب -الذي لا محيد عنه- هو أن الاسم للمسمى، وهذا القول هو الذي دل عليه الكتاب والسنة، قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}، وقال سبحانه: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}، وقال تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [طه: 8]، وقال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الحشر: 24].
ومِن السُّنة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِن للهِ تِسْعَة وتسْعِينَ اسمًا"! [رواه البخاري (2736)، ومسلم (2677)].
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لي خمسةُ أَسْمَاءٍ: أَنَا محمد، وأَحمَدُ، وأنا المَاحِي الذي يَمْحُو اللهُ بي الكُفْرَ، وأنَا الحاشِرُ الذي يُحشَرُ الناسُ على قَدَمِي، وأَنَا العاقب". [رواه البخاري: (3532)، ومسلم (2354)]. وهذا مذهب عامة أهل السنة.
وأحيانا لا يُطلِقُون بأنه المُسَمَّى، أو غيره، بل يُفَصِّلون، حتى يزول اللبس. فإذا قيل لهم: أهو المسمى أم غيره؟ قالوا: ليس هو نفس المسمى، ولكن يراد به المسمى.
وإن أُريد بأنه غيره، كونه بائنًا عنه، فهو باطل، لأن أسماء الله من كلامه وكلامه صفة له، قائمة به، لا تكون غيره.
واسم الله تعالى في مثل إذا قيل: "الحمد لله" أو "باسم الله" يتناول ذاته وصفاته، لا ذاتًا مجردة عن الصفات، ولا صفات مجردة عن الذات. وقد نص الأئمة على أن صفاته، داخلة في مسمى أسمائه، فلا يقال: إن علمه وقدرته، زائدة عليه.
والخلاصة في هذه المسألة ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "وقد تنازع الناس في الاسم هل هو المسمى أو غيره، وكان الصواب أن يمنع من كِلا الإطلاقين، ويقال كما قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} وكما قال - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ للهِ تِسْعَة وتسعِينَ اسْمًا". =

الصفحة 126