مع "وإيتاء الزكاة" فالحذف ونحوه طلبًا للازدواج في كلام العرب نحو: الغَدَايَا، والعشايا، و"وارجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيرَ مَأْجُورَات" (¬1)، و"الرِّجْس النِّجْس" (¬2)، وهو كثير في كَلامِهِم.
سادِسُها: قوله "وإيتاء الزكاة" أي: أهلها، فحَذَف المفعول بدليل: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى} [البقرة: 177]، و"الإيتاء": الإعطاء، وقد سَلَفَ معنى الزكاة، والصلاة، والحج في الحديث قبله.
سابعها: قد أسلَفْنَا أنَّ مَعْنَى قوله -عليه الصلاة والسلام-: "بُني الإسلام على خمس" أنَّ هذه الخمس أساس دينِ الإسلام وقواعده، عليها يُبْنَى وبها يقوم، ولم يَذكر معها الجهاد -وإن كان الدِّينُ ظَهَرَ به وانقمع به عُبَابُ (¬3) الكفرة-؛ لأنه لم يَكُن فُرِضَ إذْ ذاك، أو لأنَّهُ من فروض الكفايات وتلكَ مِنْ فُروض الأعيان. وصَار جماعة كثيرة إلى: أنَّ فرضَ الجهاد [قد
¬__________
(¬1) رواه ابن ماجه (1/ 503 رقم 1378)، والبيهقي في "الكبرى" (4/ 77) عن علي - رضي الله عنه -. وهو حديث ضعيف، فيه إسماعيل بن سلمان ضعيف كما في "التقريب" (140 رقم 454)، وقد ضعفه الألباني في "الضعيفة" (6/ 262 رقم 2742).
(¬2) رواه ابن ماجه (1/ 109 رقم 229)، والطبراني في "الكبير" (8/ 210 رقم 7849)، و"الدعاء" (2/ 965 رقم 366) من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -. وإسناده ضعيف جدًّا؛ فيه عبيد الله بن زحر، وعلي بن يزيد، والقاسم. قال ابن حبان في ترجمة عبيد الله في "المجروحين" (2/ 29): "منكر الحديث جدًّا، يروي الموضوعات عن الأثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسنادِ خبرٍ: عبيد الله بن زحر، وعلي بن يزيد والقاسم لا يكون متن ذلك الخبر إلَّا مِمَّا عَمِلتهُ أيديهم، فلا يحل الاحتجاج بهذه الصحيفة".
وضعَّفه ابن حجر في "نتائج الأفكار" (1/ 200)، والبوصيري في الزوائد" (1/ 128) والألباني في "السلسلة الضعيفة" (9/ 203 رقم 4189).
(¬3) كذا بالأصل، وفي المفهم" (1/ 168): "عتاةُ". والعباب: معظم السيل وارتفاعه وكثرته. انظر: "تهذيب اللغة" (1/ 118 - 119) مادة "عبب" و"بع".