كتاب المعين على تفهم الأربعين ت دغش

مع أنَّ ولد آدم أفضَلُ أنواع المخلوقات حتى الملائكة على مذهب أهل السنة، ونبينا أفضلها فهو إذن أفضل المخلوقات.
وحديث: "لَا تُفَضِّلُوا بينَ الأَنبيَاء" (¬1) ونحوه أُوِّلَ بأوجهٍ، منها: أنه قاله على وجه التواضع (¬2).
وقوله: "المُكَرَّم بالقُرآنِ العَزيزِ، المُعْجِزَةِ المسْتَمِرَّةِ على تَعَاقُبِ السِّنين، وبالسُّنَنِ المسْتَنِيرَةِ للمُسْتَرشِدِينَ". سُمِّيَ القُرْآنُ قُرْانًا لجَمْعِهِ السُّوَر، يقالُ: قرأتُ الشيءَ إذا جمعتهُ.
وقيل: لتأليفه.
ومعجِزتهُ باعتبار لفظهِ، وأنَّهُ آيةٌ معجِزَةٌ، ومِنْ فَضْلِهِ على المُعْجِزَات دوامُهُ وانقِطَاعُهَا، وقِدَمُهُ وحُدُوثها (¬3).
¬__________
(¬1) رواه البخاري (4/ 159 رقم 3414، 4211)، ومسلم (4/ 1843 رقم 2373) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(¬2) ومنها: أنَّ النَّهيَ عن تَفْضِيلٍ يُؤدِّي إلى تنَقُّص بعضهم، فإن ذلك كفرٌ بلا خلافٍ.
ومنها: أنه - صلى الله عليه وسلم - نَهَى قبلَ أن يعلم أنه خير الخلق، فلمَّا عَلِمَ قال: "أنا سَيِّدُ ولَدِ آدمَ ولا فخر".
ومنها: أنه نَهَى لئلَّا يُؤَدِّي إلى الخصومة كما ثبت في "الصحيح" في سبب ذلك.
انظر: "غاية السول في خصائص الرسول - صلى الله عليه وسلم - " للمؤلف (268 - 270)، و"دلائل النبوة" للبيهقي (5/ 491)، و"المجموع" للنووي (1/ 119).
(¬3) وصف كلام الله بالقدم لم يُعرف عن الصحابة - رضي الله عنهم - ولا عن أئمة السلف -رحمهم الله-، وإنما كان أهل السنة يقولون أيام المحنة: كلام الله غير مخلوق، ويقول مخالفوهم: كلام الله مخلوق، فوصف كلام الله بأنه قديم اصطلاح حادث، ولكنه كثر عند المتأخرين، ولو جرينا عليه لقلنا: كلام الله قديم النوع حادث الآحاد؛ لأن الله تعالى لم يزل ولا يزال متكلمًا، فالكلام صفة ذاتية، وكلامه بمشيئته وإرادته فهو صفة فعلية.
انظر: "التسعينية" (1/ 333 وما بعدها)، (2/ 537، 611 وما بعدها).

الصفحة 47