كتاب المعين على تفهم الأربعين ت دغش

كُلِّ أربعين حديثًا بحديث كما قال -عليه الصلاة والسلام-: "أَدُّوا رُبعَ عُشر أَموَالِكُم مِنْ كُلِّ أَربَعِينَ دِرهمًا دِرهمٌ" (¬1).". وإنما قال ذلك؛ لأنّه أقل عدد له ربعُ عشر صحيح، وإلَّا فزكاة الفضة إنما تجِبُ في مائتين فصاعِدًا.
فائدة: أفتى الكيا الهراسي -من كبار أصحاب الشافعية- بأنَّ مَنْ حَفِظَ أربعين مسألة فهو فقيه، وفيه نظرٌ كما قال الرافعي (¬2)؛ لأنَّ حِفْظَ الشيء غير حفظه على الغير، وأيضًا فقد تجتمع أحاديث كثيرة في المسألة الواحدة.
وقوله: "واتَّفَقَ الحُفَّاظُ على أَنَّهُ حديثٌ ضعيفٌ وإِنْ كَثُرَتْ طُرقُه" هو كما قال، وقد أوضَحَ ضعفها ابن الجوزي في "عِلله"، وبرهن لهُ (¬3).
وقال الحافظ زكي الدين المنذري في جُزئه الذي أفرده في ذلك في أوراقٍ لطيفة: "ليسَ في جميع طرقه ما يقوى وتَقُومُ به الحُجَّة، ولا تَخْلُو طريق من طرقه أن يكون فيها مجهول، أو معروف مشهور بالضعف".
ولَمَّا أَخْرَجَهُ ابن عبد البر مِن حديث الإمام مالك قال: "هذا حديثٌ غير محفوظ ولا معروف من حديث مالك، ومَن رواه عن مالك فقد أخطأ عليه، وأضاف ما ليسَ في روايته له" (¬4).
¬__________
(¬1) رواه أحمد (2/ 118 رقم 711، 1233)، والترمذي (2/ 8 رقم 620)، وأبو داود (2/ 158 رقم 1574)، والنسائي (5/ 37 رقم 2477، 2478)، وفي "الكبرى" (3/ 26 رقم 2268، 2269)، والدارمي (2/ 1013 رقم 1669)، والبيهقي في "الكبرى" (4/ 117 - 118) عن عاصم بن ضمرَة عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وهو حديث صحيح. وقد صححه الشيخ الألباني في "السنن". وانظر: "البدر المنير" (5/ 556 - 557) للمؤلف، و"صحيح سنن أبي داود" (5/ 291 رقم 1404) للألباني.
(¬2) رواه عنه تلميذه الله السِّلفي في "الأربعين البلدانية" (29).
و"الكيا" هو: علي بن محمد الطبري (ت: 504 هـ). انظر: "طبقات الشافعية" (4/ 281).
(¬3) "العلل المتناهية" (1/ 111 - 122).
(¬4) "جامع بيان العلم وفضله" (1/ 193).

الصفحة 60