كتاب المعين على تفهم الأربعين ت دغش

وَوَافَقَهُ على ذلك بعضُ شُيُوخ المَغْرِب، والصَّحِيحُ الأَوَّل (¬1).
الوجهُ الثاني: هذا الحديثُ أَحَدُ أركانِ الإسلام، وقواعِدِ الإيمان، وهو صحيح جليلٌ مُتَّفقٌ على صِحَّته، مُجْمَعٌ على عِظَمِ مَوْقِعِهِ، وثبوته من حديث الإمام أبي سعيد يحيى بن سعيد الأنصاري، رواه عنه الحفَّاظ والأعلام الجَمّ الغفير فوق الثلاثمائة نفسٍ كما عددَهم ابن منده في "مستخرجه" (¬2).
الوجهُ الثالث: هذا الحديث خَرَّجَهُ البخاري في "صحيحه" في سبعةِ مواضع منه، وخَرَّجهُ مُسْلِمٌ في "الجهاد"، وخرَّجه أصحاب "السنن الأربعة" -أيضًا-، وخرَّجه قبلهم الإمام أحمد في "مُسْنَده"، ولم يخرجه مالك في "الموطأ" مِنْ جِهته (¬3).
الوجه الرابع: هذا الحديث رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير عمر بن الخطاب نحو عشرين صحابيًّا. لكن قال الحُفَّاظُ: "لا يَصِحُّ إلَّا مِنْ جهةِ عُمَر فقط" (¬4).
وهو فردٌ غريبٌ باعتِبَارٍ، مَشْهُورٌ باعتبارٍ آخر. وليسَ بمتواتر كما يُظَنُّ (¬5)، فإنه لا يصح إلَّا عن عمر، ولا عنه إلَّا مِنْ جِهة علقمة، ولا عنهُ مِن جهة
¬__________
= والقرطبي في "المفهم" (1/ 100)، وابن ناصر الدين الدمشقي في "افتتاح القاري" (330 ط ضمن مجموع فيه رسائله).
(¬1) انظر: الإعلام (1/ 149)، و"المقنع" للمؤلف (1/ 56)، "مقدمة ابن الصلاح" (18 - 19)، و"النكت" للزركشي (1/ 165 - 172)، و"النكت" لابن حجر (1/ 281 - 289)، و"افتتاح القاري" (329 - 332)، و"فتح المغيث" للسخاوي (1/ 46 - 59).
(¬2) قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (1/ 18) -تعليقًا على هذا القول وما كان من بابه: "وأنا أستبْعِدُ صِحَةَ هذا، فقد تتبعتُ طرقه مِن الرِّوايات المشهورة، والأجزاء المنثورة منذ طلبتُ الحديث إلى وقتي هذا فما قدَرتُ على تكميل المائة".
(¬3) بل رواه الإمام مالك كما في رواية محمد بن الحسن الشيباني "للموطأ" (312 رقم 983).
(¬4) انظر: "مسند البزار" (1/ 382)، و"البدر المنير" (1/ 658)، و"طرح التثريب" (2/ 4).
(¬5) انظر: "رؤوس المسائل" للنووي (44)، و"مقدمة ابن الصلاح" (77، 268، 271).

الصفحة 79