الرابع بعد العشرين: معنى "ينكِحها": يتزوجها، كما جاء في رِوَايَةٍ أُخرى، وقد تُستعمَل بمعنى الاقتران بالشيء، ومِنهُ قوله تعالى: {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} [الدخان: 54] أي: قَرَنَّاهُم، وقيل: أنكحناهم.
الخامس بعد العشرين: إنّما ذُكِرت المرأةُ مع الدُّنيا مع أنها داخِلَةٌ فيها؛ لأنَّهُ ورَدَ على سببٍ: فإنَّ شَخْصًا هاجَرَ إلى المَدِينَةِ بِنِيَّةِ أن يتزَوَّجَ بامرأةٍ يقالُ لها أمُّ قيس -وأفادَ ابن دِحية أنَّ اسمها: قَيْلة- فسُمِّي مهاجِر أمّ قيس (¬1)، فَذُكِرَت المرأةُ لأجل تبيين السَّبب، وقيل غير ذلك (¬2).
وبعضهم أفرَدَ هذا بالتَّصنيف -أعني: أصحاب الحديث- كما أُفرِدَ سبب نزول القرآن العظيم (¬3).
السادس بعد العشرين: إِنَّمَا ذمَّ على إصابة الدنيا -وإن كان مُبَاحًا-؛ لأنَّهُ خَرَجَ في الظاهر لطلب فضيلة الهِجرة، وأبطنَ خلافَ ذلكَ؛ فلذلك توَجَّة الذَّمُّ عليه.
¬__________
(¬1) انظر "الإعلام" (1/ 204 - 206)، و"البدر المنير" (1/ 664 - 666)، و"أعلام الحديث" للخطابي (1/ 119)، و "شرح النووي" (13/ 59)، وابن بطال (1/ 33)، و"المفهم" (3/ 745)، و"مجموع الفتاوى" لابن تيمية (18/ 253)، و"الإحكام" لابن دقيق العيد (1/ 64)، و"جامع العلوم" لابن رجب (1/ 74)، و"طرح التثريب" للعراقي (2/ 25 - 26)، و"فتح الباري" (1/ 24)، و"منتهى الآمال" (53).
قلتُ: وقد روى الطبراني في "الكبير" (9/ 103 رقم 8540) عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: "هاجَرَ رَجُلٌ ليتزؤَجَ امرأةً يُقال لها: أم قيس. وكان يُسمَّى مهاجر أم قيس".
قال الهيثمي (2/ 101): "رجاله رجال الصحيح".
(¬2) انظر: "شرح النووي" (13/ 59)، و"شرح ابن بطال" (1/ 32 - 33)، و"البدر المنير" (1/ 664)، و"الفتح" (1/ 24)، و"منتهى الآمال" (141 - 142).
(¬3) ينظر: "الإعلام" (1/ 205).