كتاب الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي حكم عليها الحافظ ابن كثير في تفسيره

كتبكم؟ قالوا: نعم. قال: فما يمنعكم أن تتبعوه؟ قالوا: إن الله لم يبعث رسولا إلا جعل له من الملائكة كفْلا وإن جبريل كَفَل محمَّدًا، وهو الذي يأتيه، وهو عدونا من الملائكة، وميكائيل سلمنا؛ لو كان ميكائيل هو الذي يأتيه أسلمنا. قال: فإني أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى: ما منزلتهما من رب العالمين؟ قالوا: جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله. قال عمر. وإني أشهد ما ينزلان إلا بإذن الله، وما كان ميكائيل ليسالم عدو جبريل، وما كان جبريل ليسالم عدو ميكائيل. فبينما هو عندهم إذ مر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: هذا صاحبك يا ابن الخطاب: فقام إليه عمر، فأتاه، وقد أنزل الله، عز وجل، عليه: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ}. (¬1)
وهذان الإسنادان يدلان على أن الشعبي حدث به عن عمر، ولكن فيه انقطاع بينه وبين عمر، فإنه لم يدرك وفاته، والله أعلم.
وقال ابن جرير: ... عن قتادة، قال: ذُكر لنا أن عمر بن الخطاب انطلق ذات يوم إلى اليهود. فلما أبصروه رحبوا به، فقال لهم عمر: أما والله ما جئت لحبكم ولا للرغبة فيكم، ولكن جئت لأسمع منكم. فسألهم وسألوه. فقالوا: من صاحب صاحبكم؟ فقال لهم: جبريل. فقالوا: ذاك عدونا من أهل السماء، يُطلع محمدًا على سرنا، وإذا جاء جاء الحرب والسَّنَة، ولكن صاحب صاحبنا ميكائيل، وكان إذا جاء جاء الخصب والسلم. فقال لهم عمر: هل تعرفون جبريل وتنكرون محمدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ففارقهم عمر عند ذلك وتوجه نحو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
ليحدثه حديثهم، فوجده قد أنزلت عليه هذه الآية: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نزلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ}. (¬2)
ثم قال: ... عن قتادة، قال: بلغنا أن عمر أقبل إلى اليهود يومًا، فذكر نحوه. وهذا - أيضًا - منقطع، وكذلك رواه أسباط، عن السدي، عن عمر مثل هذا أو نحوه، وهو منقطع أيضًا. (البقرة: 98)
47 - ذكر الحديث الوارد في ذلك - إن صح سنده ورفعه - وبيان الكلام عليه:
قال الإمام أحمد بن حنبل، رحمه الله، في مسنده: ... عن عبد الله بن عمر: أنه سمع نبي
¬_________
(¬1) تفسير ابن أبي حاتم (1/ 290).
(¬2) تفسير الطبري (2/ 383).

الصفحة 45