كتاب الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي حكم عليها الحافظ ابن كثير في تفسيره

قال: كنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مسير فأصابنا غيم، فتحيرنا فاختلفنا في القبلة، فصلى كل منا على حدة، وجعل أحدنا يخط بين يديه لنعلم أمكنتنا، فذكرنا ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يأمرنا بالإعادة، وقال: "قد أجزأت صلاتكم".
ثم قال الدارقطني: كذا قال: عن محمد بن سالم، وقال غيره: عن محمد بن عبد الله العرزمي، عن عطاء، وهما ضعيفان. (¬1)
ثم رواه ابن مَرْدُويه أيضا من حديث الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث سرِيَّة فأخذتهم ضبابة، فلم يهتدوا إلى القبلة، فصلوا لغير القبلة. ثم استبان لهم بعد طلوع الشمس أنهم صلوا لغير القبلة. فلما جاؤوا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدَّثُوه، فأنزل الله عز وجل، هذه الآية: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} ... وهذه الأسانيد فيها ضعف، ولعله يشد بعضها بعضا.
وأما إعادة الصلاة لمن تبين له خطؤه ففيها قولان للعلماء، وهذه دلائل على عدم القضاء، والله أعلم. (البقرة: 115)
55 - عن قتادة: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إن أخا لكم (¬2) قد مات فصلوا عليه". قالوا: نصلي على رجل ليس بمسلم؟ قال: فنزلت: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ} [آل عمران: 199] قال قتادة: فقالوا: فإنه كان لا يصلي إلى القبلة. فأنزل الله: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}. (¬3)
وهذا غريب، والله أعلم (البقرة: 115)
56 - عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما بين المشرق والمغرب قبْلَة لأهل المدينة وأهل الشام وأهل العراق".
وله مناسبة هاهنا، وقد أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث أبي معشر، واسمه نَجِيح بن عبد الرحمن السَّندي المدني، به "ما بين
¬_________
(¬1) سنن الدارقطني (1/ 271) ورواه الحاكم في المستدرك (1/ 206) قال البيهقي: (وبالجملة فلا نعلم لهذا الحديث إسنادا صحيحا ..)، وقال العقيلي: (هذا حديث لا يروى من وجه يثبت).راجع تخريجه قي نصب الراية للزيلعي (1/ 243).
(¬2) الموجود في الطبري (إن أخاكم النجاشي ...) حتى يصح المعنى.
(¬3) تفسير الطبري (2/ 532). وقال أحمد شاكر: (هو حديث ضعيف، لأنه مرسل .... وسياقته تدل على ضعفه ونكارته).

الصفحة 54